بالسَّكتةِ الخَفيفةِ كسَكتةِ الرَّجلِ للتَّذكرِ أو للتَّنفسِ أو لانقِطاعِ الصَّوتِ.
وقالَ قومٌ مِنْ التابِعينَ: يَجوزُ للحالِفِ الاستِثناءُ ما لَم يَقمْ مِنْ مَجلسِه وكانَ ابنُ عَباسٍ يَرى أنَّه له الاستِثناءُ أبدًا على ما ذُكرَ منه متى ما ذكَرَ، وإنَّما اتَّفقَ الجَميعُ على أنَّ استِثناءَ مَشيئةِ اللهِ في الأَمرِ المَحلوفِ على فِعلِه إنْ كانَ فِعلًا أو على تَركِه إنْ كانَ تَركًا رافعٌ لليَمينِ؛ لأنَّ الاستِثناءَ هو رَفعٌ للُزومِ اليَمينِ.
وإنَّما اختَلَفوا هل يُؤثرُ في اليَمينِ إذا لَم تُوصلْ بها أو لا؟ يُؤثرُ لاختِلافِهم هل الاستِثناءُ حالٌّ للانعِقادِ أو هو مَانعٌ له؟ فإذا قُلنَا: إنَّه مانعٌ للانعِقادِ لا حالٌّ له اشتُرطَ أنْ يَكونَ مُتصِلًا باليَمينِ، وإذا قُلنَا: إنَّه حالٌّ لَم يَلزمْ فيه ذلك.
والذينَ اتَّفَقوا على أنَّه حالٌّ اختَلَفوا هي هو حالٌّ بالقُربِ أو بالبُعدِ على ما حَكيْنا، وقد احتَجَّ مَنْ رَأى أنَّه حالٌّ بالقُربِ بما رَواه سَعدٌ عن سماكِ بنِ حَربٍ عن عِكرمةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «واللهِ لأَغزوَنَّ قُريشًا» قالَها ثَلاثَ مَراتٍ ثم سكَتَ ثم قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» فدلَّ هذا أنَّ الاستِثناءَ حالٌّ لليَمينِ لا مانعَ لها مِنْ الانعِقادِ.
قالوا: ومِن الدَّليلِ على أنَّه حالٌّ بالقُربِ أنَّه لو كانَ حالًّا بالبُعدِ على ما رَواه ابنُ عَباسٍ لكانَ الاستِثناءُ يُغنِي عن الكَفارةِ والذي قالُوه بيِّنٌ (١).