للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّه لو صحَّ الاستِثناءُ بعدَ طَويلِ الزَّمانِ لسقَطَت كَفاراتُ الأَيمانِ باستِثنائِه قبلَ الحِنثِ (١).

وذهَبَ الإمامُ أَحمدَ في رِوايةٍ إلى أنَّه يَجوزُ الاستِثناءُ إذا لَم يَطلِ الفَصلُ بينَهما؛ لحَديثِ ابنِ عَباسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «واللهِ لأَغزوَنَّ قُريشًا» ثم سكَتَ ثم قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» (٢) فاستَثنَى النَّبيُّ بعدَ سُكوتِه ويُشتَرطُ على هذه الرِّوايةِ أنْ لا يُطيلَ الفَصلَ بينَهما ولا يَتكلَّمُ بينَهما بكَلامٍ أَجنبيٍّ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وحَكى ابنُ أَبي مُوسى عن بعضِ أَصحابِنا أنَّه قالَ: يَصحُّ الاستِثناءُ ما دامَ في المَجلسِ، وحُكيَ ذلك عن الحَسنِ وعَطاءٍ، وعن عَطاءٍ أنَّه قالَ: قَدرُ حَلبِ الناقةِ الغَروزةِ، وعن ابنِ عَباسٍ أنَّ له أنْ يَستَثنيَ بعدَ حينٍ، وهو قولُ مُجاهدٍ، وهذا القَولُ لا يَصحُّ لِما ذكَرْناه، وتَقديرُه بمَجلسٍ أو غيرِه لا يَصلُحُ؛ لأنَّ التَّقديراتِ بابُها التَّوقيفُ فلا يُصارُ إليها بالتَّحكمِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : اشتِراطُ اتِّصالِه بالقَسمِ فإنْ قومًا اشتَرَطوا ذلك فيه وهو مَذهبُ مالكٍ، وقالَ الشافِعيُّ: لا بأسَ بينَهما


(١) «الهداية» (٢/ ٧٦)، و «الاختيار» (٤/ ٦٥)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٦٨، ٦٩)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٢)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٨٢، ٢٨٣)، و «البيان» (١٠/ ٥١٢، ٥١٣)، و «المغني» (٩/ ٤١٢، ٤١٣).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٢٨٥، ٣٢٨٦).
(٣) «المغني» (٩/ ٤١٢، ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>