للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزِمَه الإِتمامُ أيضًا؛ لأنَّها وجَبَت عليه تامَّةً، بتَلبُّسِه بها خلفَ المُقيمِ ونيَّةِ الإِتمامِ (١).

أمَّا الحَنفيةُ: فلا تَجبُ عندَهم نيَّةُ القَصرِ؛ لأنَّ الأصلَ عندَهمُ القَصرُ، وإلى هذا ذهَبَ أَبو بَكرٍ مِنْ الحَنابلَةِ، فقالَ: لا تُشترطُ نيَّتُه؛ لأنَّ مَنْ خُيِّرَ في العِبادةِ قبلَ الدُّخولِ فيها، خُيِّرَ بعدَ الدُّخولِ فيها، كالصَّومِ؛ ولأنَّ القَصرَ هو الأصلُ بدَليلِ خبَرِ عائشةَ وعمرَ وابنِ عَباسٍ؛ فلا يَحتَاجُ إلى نيَّةٍ كالإِتمامِ (٢).

وعندَ المالِكيةِ: تَكفي نيَّةُ القَصرِ في أوَّلِ صَلاةٍ يَقصُرُها في السَّفرِ، ولا يَلزمُ تَجديدُها فيما بعدَها مِنْ الصَّلواتِ، وقيلَ: إنَّه لا بدَّ مِنْ نيَّةِ القَصرِ عندَ كلِّ صَلاةٍ، ولو حُكمًا (٣).

واشتَرطَ الشافِعيةُ -أيضًا- العِلمَ بجَوازِ القَصرِ، فلو قصَرَ جاهِلًا به لم تَصحَّ صَلاتُه؛ لتَلاعُبِه (٤).

وقالَ الحَنابلَةُ: وإذا قصَرَ المُسافِرُ مُعتقِدًا لتَحريمِ القَصرِ لم تَصحَّ صَلاتُه؛ لأنَّه فعَلَ ما يُعتقَدُ تَحريمُه، فلم يَقعْ مُجزِئًا، كمَن صلَّى يَعتقدُ أنَّه


(١) «المجموع» (٥/ ٤٥٦)، و «أسنى المطالب» (١/ ٢٤١)، و «الإقناع» (١/ ١٧٢)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٦٧، ٢٦٨)، و «المغني» (٢/ ٤٩٠).
(٢) «المغني» (٢/ ٤٩٠).
(٣) «الشرح الكبير مع حاشية الدُّسوقي» (١/ ٣٦٧).
(٤) «المجموع» (٥/ ٤٥٦)، و «مغني المحتاج» (١/ ٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>