للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ بعضُهم إلى أنَّ الاستِثناءَ جائِزٌ ما دامَ في المَجلسِ، رُويَ ذلك عن طَاووسٍ والحَسنِ، وقالَ قَتادةُ: له أنْ يَستَثنيَ ما لَم يَتكَلمْ، أو يَقمْ، وقالَ أَحمدُ: له أنْ يَستَثنيَ ما دامَ في ذلك الأَمرِ، وقالَ ابنُ عَباسٍ: له الاستِثناءُ بعدَ حينٍ، وقالَ مُجاهدٌ: بعدَ سِنينَ، وقالَ سَعيدُ بنُ جُبيرٍ: بعدَ أَربعةِ أَشهرٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ الجدُّ : ويُسقِطُ الكَفارةَ -عمَّن حلَفَ بهذه اليَمينِ فحنِثَ فيها- الاستِثناءُ بمَشيةِ اللهِ تَعالى إذا وصَلَ ذلك بآخرِ كَلامِه وقصَدَ به حلَّ يَمينِه بإِجماعِ أهلِ العلمِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ العَربيِّ المالكِيُّ : وأَجمعَت الأمةُ على أنَّ الرَّجلَ لو قالَ لرَجلٍ آخرَ له عليه حقٌّ: «واللهِ لأُعطِينَّك حقَّك غدًا إنْ شاءَ اللهُ» فجاءَ الغدُ ولَم يُعطِه شَيئًا أنَّه لا حِنثَ عليه في يَمينِه ولا يَلحقُه فيه كَذبٌ، والتَّأخيرُ مَعصيةٌ مِنْ الغَنيِّ القادِرِ (٣).

وقالَ أيضًا : ولمَّا علِمَ اللهُ تَعالى أنَّ اليَمينَ يَرتبطُ، وأنَّ الخَلقَ يَتهافَتونَ إليها سِراعًا، جعَلَ منها مَخرجًا بالاستِثناءِ .... وإنْ كانَ جَرى بمَشيئةِ اللهِ تَعالى، انحَلَّت عندَ كافَّةِ الفُقهاءِ (٤).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : الحالِفُ إذا قالَ: «إنْ شاءَ اللهُ» معَ يَمينِه فهذا يُسمَّى استِثناءً فإنَّ ابنَ عُمرَ رَوى عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مَنْ


(١) «شرح السنة» (١٠/ ٢٠).
(٢) «المقدمات الممهدات» (١/ ٥٧٥).
(٣) «أحكام القرآن» (٣/ ٢٣٠).
(٤) «القبس» (٢/ ٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>