للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك مُتصلًا بيَمينِه ونَوى في حينِ لفظِه باليَمينِ أنْ يَستثِنيَ قبلَ تَمامِ لفظِه باليَمينِ أنَّه لا كَفارةَ عليه ولا يَحنَثُ إنْ خالَفَ ما حلَفَ عليه مُتعَمدًا أو غيرَ مُتعَمدٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأَجمعَ العُلماءُ على أنَّ الحالِفَ إذا وصَلَ يَمينَه باللهِ بالاستِثناءِ وقالَ إنْ شاءَ اللهُ فقد ارتَفعَ الحِنثُ عليه ولا كَفارةَ عليه لو حنِثَ وأَجمَعوا أنَّ الاستِثناءَ جائِزٌ في اليَمينِ باللهِ (٢).

وقالَ الإمامُ البَغويُّ : والعَملُ على هذا عندَ عامَّةِ أهلِ العِلمِ أنَّ الاستِثناءَ إذا كانَ مَوصولًا باليَمينِ، فلا حِنثَ عليه، ولا فَرقَ بينَ اليَمينِ باللهِ، أو بالطَّلاقِ والعِتاقِ عندَ أَكثرِ أهلِ العِلمِ.

وقالَ مالكٌ والأَوزاعِيُّ: إذا حلَفَ بطَلاقٍ أو عِتقٍ، فالاستِثناءُ لا يُغنِي عنه شَيئًا، ويَقعُ الطَّلاقُ والعِتاقُ، وقالَ أَصحابُ مالكٍ: الاستِثناءُ إنَّما يَعملُ في يَمينٍ يَدخلُها الكَفارةُ حتى قالَ مالِكٌ: إذا حلَفَ بالمَشيِ إلى بيتِ اللهِ، واستَثنى، فاستِثناؤُه ساقِطٌ، والحِنثُ له لَازمٌ.

واختَلفَ أهلُ العِلمِ في الاستِثناءِ إذا كانَ مُنفصِلًا عن اليَمينِ، فذهَبَ أَكثرُهم إلى أنَّه لا يَعملُ إلا أن يَكونَ بينَ اليَمينِ والاستِثناءِ سَكتةٌ بَسيرةٌ كسَكتةِ الرَّجلِ للتَّذكرِ، أو للعِيِّ، أو للتَّنفسِ، فإنْ طالَ الفَصلُ، أو اشتَغلَ بكَلامٍ آخرَ بينَهما، ثم استَثنى، فلا يَصحُ.


(١) «مراتب الإجماع» (١٥٩).
(٢) «الاستذكار» (٥/ ١٩٣)، وينظر: «المدونة الكبرى» (٣/ ١٠٩)، و «المُوطأ» برِوايةِ مُحمدِ بنِ الحَسنِ (٣/ ١٣٥)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٨٣، ٢٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>