للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحالُ الثالِثةُ: أنْ يُريدَ بها السُّؤالَ والطَّلبَ، ولا يَقصِدُ بها يَمينًا لنَفسِه ولا لصاحِبِه، فلا تَكونُ يَمينًا بحالٍ.

والحالُ الرابِعةُ: أنْ يُطلِقَها، ولا تَكونُ له نِيةٌ فيها بيَمينٍ ولا غيرِه، فلا تَكونُ يَمينًا، لا يَختلِفُ فيه مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنَّه لَم يَقتَرنْ بها عُرفُ شَرعٍ ولا عُرفُ استِعمالٍ، فخرَجَت عن حُكمِ الأَيمانِ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: فإن قالَ: «واللهِ ليَفعَلنَّ فُلانٌ كذا» أو «لا يَفعلُ» أو حلَفَ على حاضِرٍ فقالَ: «واللهِ لتَفعَلنَّ كذا» فأَحنثَه ولَم يَفعلْ فالكَفارةُ على الحالِفِ؛ لأنَّ الحالِفَ هو الحانِثُ فكانَت الكَفارةُ عليه كما لو كانَ هو الفاعِلُ لِما يُحنِثُه ولأنَّ سببَ الكَفارةِ إما اليَمينُ وإما الحِنثُ أو هما، وأيُّ ذلك قُدرَ فهو مَوجودٌ في الحالِفِ.

وإن قالَ: «أَسألُك باللهِ لتَفعَلنَّ» وأَرادَ اليَمينَ فهي كالتي قبلَها يَحنَثُ إن لَم يَفعلِ المَحلوفُ عليه والكَفارةُ على الحالِفِ، وإنْ أَرادَ الشَّفاعةَ إليه باللهِ فليسَت بيَمينٍ لعَدمِ الإِقسامِ، ولا كَفارةَ على واحِدٍ منهما.

وإنْ قالَ: «باللهِ لتَفعَلنَّ» فهي يَمينٌ؛ لأنَّه أَجابَ بجَوابِ القَسمِ إلا أنْ يَنويَ ما يَصرفُها، وإنْ قالَ: «باللهِ أَفعلُ» فليسَت يَمينًا؛ لأنَّه لَم يُجبْها بجَوابِ القَسمِ، ولذلك لا يَصلُحُ أنْ يَقولَ: «واللهِ أَفعلُ» ولا «باللهِ أَفعلُ»، وإنَّما صلَحَ ذلك في التاءِ؛ لأنَّها لا تُخصُّ بالقَسمِ فيَدلُّ على أنَّه سُؤالٌ فلا تَجبُ به كَفارةٌ.


(١) «الأم» (٧/ ٦٢)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٧٨، ٢٧٩)، و «البيان» (١٠/ ٥١١)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>