للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ اليَمينِ في شيءٍ، ولأنَّ ذلك بمَثابةِ قولِه: «أَطلبُ منك وأَلتَمسُ ذلك» فليسَ بيَمينٍ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أنَّه إذا قالَ: «أَسألُكَ باللهِ أو أُقسمُ عليك باللهِ لتَفعَلنَّ» أو «أَعزمُ عليك باللهِ لتَفعلَنَّ كذا» فله فيه أَربعةُ أَحوالٍ:

أَحدُها: أنْ يُريدَ يَمينًا لنَفسِه على فعلِ صاحبِه، فتَكونُ يَمينًا له مُعلَّقةٌ بفِعلِ غيرِه، فإنْ فعَلَ ما قالَ برَّ الحالِفُ، وإنْ لَم يَفعلْ حنِثَ الحالِفُ، ووجَبَت الكَفارةُ على الحالِفِ دونَ المَحلوفِ عليه؛ لقولِ اللهِ تَعالى: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩]، فجعَلَ الكَفارةَ على الحالِفِ دونَ المُحنثِ، وقد جاءَت السُّنةُ بما يُوافِقُ هذا. رَوى راشدُ بنُ سَعدٍ عن عائِشةَ قالَت: «أَهدَت لنا امرَأةٌ طبقًا فيه تَمرٌ فأَكلَت منه عائِشةٌ، وأَبقَت تُميراتٍ، فقالَت لها المَرأةُ: أَقسمتُ عليك إلا أَكلتِيه، فقالَ رَسولُ اللهِ : بِريهَا؛ فإنَّ الإِثمَ على المُحنثِ»، فجعَلَ البِرَّ والحِنثَ على الحالِفِ والإِثمَ على المُحنثِ.

والحالُ الثانِيةُ: أنْ يُريدَ الحالِفُ بيَمينِه يَمينًا يَعقدُها على المُستَحلفِ يَلزمُه برُّها وحِنثُها، فلا يَكونُ يَمينًا للحالِفِ؛ لأنَّه لَم يَردَّها، ولا تَكونُ يَمينًا للمُستَحلفِ؛ لأنَّه لَم يَحلفْ بها، ولأنَّه لَم تَنعقِدْ يَمينُ المُكرهِ معَ حَلفِه كانَت يَمينُ مَنْ لَم يَحلفْ أَولَى أنْ لا تَنعقِدَ.


(١) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٠٤)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٢٨٠)، رقم (١٦١٩)، و «التج والإكليل» (٢/ ٢٧٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٠١)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>