للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ارتَكبَ مَعاصيَ في طَريقِه، كشُربِ الخَمرِ وغيرِه، فله التَّرخُّصُ بالقَصرِ وغيرِه، بلا خِلافٍ عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلَةِ؛ لأنَّه ليسَ مَمنوعًا مِنْ السَّفرِ، وإنَّما يُمنَعُ مِنْ المَعصيةِ، بخِلافِ العاصي بسَفرِه (١).

أمَّا الحَنفيةُ فلم يَشتَرطوا أن يَكونَ السَّفرُ مُباحًا، بل أَجازوا القَصرَ في سَفرِ المَعصيةِ أيضًا.

قالَ الإمامُ عَلاءُ الدِّينِ السَّمرقَنديُّ : ثم الرُّخصةُ، وهي قَصرُ الصَّلاةِ وغيرِه، تَثبُتُ بمُطلَقِ السَّفرِ، سَواءٌ كانَ سَفرَ طاعَةٍ كالجِهادِ والحَجِّ، أو سَفرًا مُباحًا كالخُروجِ إلى التِّجارةِ، أو سَفرَ مَعصيةٍ كالخُروجِ لقَطعِ الطَّريقِ ونحوِه، وهذا عندَنا (٢).

وقالوا: ولأنَّ النُّصوصَ التي ورَدَت لم تُوجِبِ الفَصلَ بينَ مُسافِرٍ ومُسافِرٍ، ومِن هذه النُّصوصِ قولُه تَعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]، وقولُه تَعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا﴾ [البقرة: ١٣٩]، وقولُ علِيٍّ : «جعَلَ رَسولُ اللهِ ثَلاثةَ أيَّامٍ ولَياليَهنَّ للمُسافرِ، ويَومًا ولَيلةً للمُقيمِ» (٣)، مِنْ غيرِ فَصلٍ بينَ سَفرٍ وسَفرٍ؛ فوجَبَ


(١) «الشرح الكبير مع حاشِية الدسوقي» (١/ ٣٥٨)، و «الذَّخيرة» (٢/ ٣٦٧)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢٣٨)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣١٣)، و «المجموع» (٥/ ٤٤٥، ٤٤٧)، و «أسنى المطالب» (٢٣٧١)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٣٥٨)، و «المغني» (٢/ ٤٨٥، ٤٨٧)، و «الإنصاف» (٢/ ٣١٤، ٣١٥)، و «الإفصاح» (١/ ٢٢٠).
(٢) «تحفة الفُقَهاء» (١/ ٢٥٥).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>