للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكمُعارَضةِ قَومٍ من البَلدَينِ بَعضَ الأَحاديثِ بالقياسِ الجَليِّ، بِناءً على أنَّ القَواعدَ الكُليةَ لا تُنقضُ بمِثلِ هذا الخَبَرِ.

إلى غيرِ ذلك من أَنواعِ المُعارضاتِ، سَواءٌ كانَ المُعارِضُ مُصيبًا أو مُخطِئًا.

فهذه الأَسبابُ العَشرةُ ظاهِرةٌ.

وفي كَثيرٍ من الأَحاديثِ يَجوزُ أنْ يَكونَ للعالِمِ حُجةٌ في تَركِ العَملِ بالحَديثِ لم نَطَّلعْ نحن عليها، فإنَّ مَدارِكَ العِلمِ واسِعةٌ، ولم نَطَّلعْ نحن على جَميعِ ما في بَواطِنِ العُلماءِ.

والعالِمُ قد يُبدي حُجَّتَه، وقد لا يُبديها، وإذا أَبداها فقد تَبلُغُنا وقد لا تَبلُغُنا، فإذا بلَغَتنا فقد نُدركُ مَوضعَ احتِجاجِه، وقد لا نُدركُه، سَواءٌ كانَت الحُجةُ صَوابًا في الأمرِ نَفسِه أو لا.

لكنْ نحن -وإنْ جَوَّزنا هذا- لا يَجوزُ لنا أنْ نَعدِلَ عن قَولٍ ظهَرَت حُجتُه بحَديثٍ صَحيحٍ وافَقَه طائِفةٌ من أهلِ العِلمِ، إلى قَولٍ آخَرَ قالَه عالِمٌ يَجوزُ أنْ يَكونَ معه ما يَدفعُ به هذه الحُجةَ، وإنْ كانَ أعلَمَ.

إذْ تَطرُّقُ الخَطأِ إلى آراءِ العُلماءِ أكثَرُ من تَطرُّقِه إلى الأدِلةِ الشَّرعيةِ. فإنَّ الأدِلةَ الشَّرعيةَ حُجةُ اللهِ على جَميعِ عِبادِه، بخِلافِ رَأيِ العالِمِ.

والدَّليلُ الشَّرعيُّ يَمتنِعُ أنْ يَكونَ خَطأً إذا لم يُعارِضْه دَليلٌ آخَرُ، ورأيُ العالِمِ ليسَ كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>