للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= مِنْ هذه البَيضةِ فأكَلَ مِنْ فَرخٍ خرَجَ منها، أو لا يَذوقَ هذه الخَمرَ فصارَت خلًّا فشرِبَ منه لَم يَحنَثْ، فإنْ نَوى ما يَكونُ مِنْ ذلك حنِثَ؛ لأنَّه شدَّدَ على نَفسِه.
١٥ - ومَن حلَفَ لا يَأكلُ لَحمًا فأكَلَ السَّمكَ لَم يَحنَثْ؛ لأنَّ إِطلاقَ اسمِ اللَّحمِ لا يَتناولُه في العُرفِ والعادَةِ، ولا اعتِبارَ بتَسمِيتِه لَحمًا في القُرآنِ؛ لأنَّ الأَيمانَ لا تُحملُ على أَلفاظِ القُرآنِ، ألا تَرى أنَّ مَنْ حلَفَ لا يُخرِّبُ بَيتًا فخرَّبَ بَيتَ العَنكَبوتِ، أو لا يَركبُ دابَّةً فركِبَ كافِرًا لَم يَحنَثْ، وإنْ كانَ اللهُ قد سَمى الكافِرَ دابَّةً في قولِه تَعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنفال: ٥٥]، وكذَا جَميعُ ما في البَحرِ حُكمُه حُكمُ السَّمكِ، وإنْ حلَفَ لا يَأكُلُ لَحمًا فأيُّ لَحمٍ أكَلَه مِنْ سائِرِ الحَيوانِ غيرَ السَّمكِ فإنَّه يَحنَثُ، مُحرَّمُه ومُباحُه ومَطبوخُه ومَشوِيُّه، وعلى أيِّ حالٍ أَكلُه، فإنْ أكَلَ مَيتَةً أو لَحمَ خِنزيرٍ أو لَحمَ إِنسانٍ حنِثَ في الجَميعِ، وذلك لأنَّه يُسمَّى لَحمًا، وهذا في اليَمينِ على الأَكلِ، أمَّا إذا كانَت يَمينُه على الشِّراءِ فإنَّه يَقعُ على اللَّحمِ الذي يَجوزُ شِراؤُه.
وإنْ حلَفَ لا يَأكُلُ لَحمًا فأكَلَ كبِدًا أو كرِشًا أو رَأسًا أو الكَلأَ أو الأَمعاءَ أو الطِّحالَ حنِثَ في هذا كلِّه.
وأما شَحمُ البَطنِ فليسَ بلَحمٍ، ولا يَحنَثُ بأَكلِه إلا أنْ يَنويَه، وكذا الأَليةُ حُكمُها حُكمُ الشَّحمِ، وإنْ أكَلَ شَحمَ الظَّهرِ أو ما على اللَّحمِ حنِثَ؛ لأنَّه يُقالُ له: لَحمٌ سَمينٌ، فإنْ أكَلَ لَحمَ الطُّيورِ أو لَحمَ صَيودِ البَرِّ حنِثَ، وكذا لَحم الرَّأسِ؛ لأنَّ الرَّأسَ عُضوٌ مِنْ الحَيوانِ، بخِلافِ ما إذا حلَفَ لا يَشتَرِي لَحمًا فاشتَرَى رَأسًا، فإنَّه لا يَحنَثُ؛ لأنَّه لا يُقالُ: اشتَرَى لَحمًا، وإنَّما يُقالُ: اشتَرَى رَأسًا، ولَو حلَفَ لا يَشتَرِي لَحمًا ولا شَحمًا، فاشتَرَى أَليةً لَم يَحنَثْ؛ لأنَّها ليسَت بلَحمٍ ولا شَحمٍ، وإنَّما هي نَوعٌ ثالِثٌ.
١٦ - ومَن حلَفَ لا يَشرَبُ مِنْ دِجلَةَ فشرِبَ منها بإِناءٍ لَم يَحنَثْ حتى يَكرَعَ فيها كَرعًا، وهو أنْ يُباشرَ الماءَ بفِيه، فإنْ أخَذَهُ بيَدِه أو بإِناءٍ لَم يَحنَثْ.
والأَصلُ أنَّ اليَمينَ إذا كانَت لها حَقيقَةٌ مُستَعمَلةٌ ومَجازٌ مُتعارَفٌ مُستَعمَلٌ حُملَت على الحَقيقةِ دُونَ المَجازِ، ومَعلومٌ أنَّ الكَرعَ في الدِّجلةِ هو الحَقيقةُ، وهي مُستَعمَلةٌ =

<<  <  ج: ص:  >  >>