للمَحلوفِ له»، ولأنَّه لو ساغَ التَّأويلُ لبطَلَ المَعنى المُبتَغى باليَمينِ؛ إذ مَقصودُها تَخويفُ الحالِفِ ليَرتَدعَ عن الجُحودِ خوفًا مِنْ عاقِبةِ اليَمينِ الكاذِبةِ، فمتى ساغَ التَّأويلُ له انتَفى ذلك وصارَ التَّأويلُ وَسيلةً إلى جَحدِ الحُقوقِ ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا.
قالَ إِبراهيمُ في رَجلٍ استَحلَفَه السُّلطانُ بالطَّلاقِ على شيءٍ فورَّى في يَمينِه إلى شيءٍ آخرَ أَجزَأَ عنه وإنْ كانَ ظالِمًا لَم تُجزئْ عنه التَّوريةُ.
الحالُ الثالِثُ: لَم يَكنْ ظالِمًا ولا مَظلومًا فظاهِرُ كَلامِ أَحمدَ أنَّ له تَأويلٌ فرُويَ أنَّ مُهنا كانَ عندَه هو والمَروذيُّ وجَماعةٌ فجاءَ رَجلٌ يَطلبُ المَروذيَّ ولَم يُردِ المَروذيُّ أنْ يُكلمَه فوضَعَ مُهنا أُصبَعَه في كفِّه وقالَ ليسَ المَروذيُّ ها هنا وما يَصنعُ المَروذيُّ ها هنا، يُريدُ ليسَ هو في كفِّه ولَم يُنكرْ ذلك أَبو عبدِ اللهِ ورُويَ أنَّ مُهنا قالَ له: إنِّي أُريدُ الخُروجَ يَعني السَّفرَ إلى بَلدِ وأُحبُّ أنْ تُسمِعَني الجُزءَ الفُلانِيَّ فأَسمَعَه إِياه ثم رآهُ بعدَ ذلك فقالَ: ألَم تَقلْ إنَّك تُريدُ الخُروجَ؟ فقالَ له مُهنا: قلتُ لك إنِّي أُريدُ الخُروجَ الآنَ فلَم يُنكرْ عليه وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا.
رَوى سَعيدٌ عن جَريرٍ عن المُغيرةِ قالَ: كانَ إذا طلَبَ إِنسانٌ إِبراهيمَ ولَم يُردْ إِبراهيمُ أنْ يَلقاه خرَجَت إليه الخادِمةُ وقالَت: اطلُبوه في المَسجدِ، وقالَ له رَجلٌ: إنِّي ذَكرتُ رَجلًا بشيءٍ فكيفَ لي أنْ أَعتذِرَ إليه؟ فقالَ: قلْ له: واللهِ إنَّ اللهَ يَعلمُ ما قلتُ مِنْ ذلك من شيءٍ، وقد كانَ النَّبيُّ ﷺ يَمزحُ ولا يَقولُ إلا حقًّا ومِزاحُه أنْ يُوهِمَ السامِعُ بكَلامِه غيرَ ما عَناه وهو التَّأويلُ، وقالَ لعَجوزٍ:«لا تَدخلُ الجَنةَ عَجوزٌ» يَعني أنَّ اللهَ يُنشِئهنَّ أَبكارًا عُربًا أَترابًا.