للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّساءِ فحرُمَت على الأبِ زَوجةُ الابنِ بأقلِّ ما يَقعُ عليه اسمُ نِكاحٍ وهو العَقدُ دونَ الدُّخولِ وعلى الابنِ زَوجةُ الأبِ بمثلِ ذلك بإِجماعٍ.

فتَبيَّنَ أنَّ ما يُباحُ به الشيءُ أَقوَى مما يَخطرُ به فمَن حلَفَ أنْ لا يَأكلَ هذا الرَّغيفَ يَحنثُ بأَكلِ بعضِه إلا أنْ يَكونَ له نِيةٌ أو بِساطٌ يَدلُّ على أنَّه إنَّما أَرادَ استِيعابَ جَميعِه ومَن حلَفَ ليَأكُلنَّ هذا الرَّغيفَ لَم يبَرَّ إلا بأَكلِ جَميعِه إلا أن تَكونَ له نِيةٌ أو بِساطٌ يَدلُّ على أنَّه إنَّما أَرادَ أَكلَ بعضِه، وعلى هذا فقس (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رشدٍ : واختلَفُوا مِنْ ذلك … هل يَتعَلقُ مُوجبُ اليَمينِ بأقلِّ ما يَنطلَقُ عليه الاسمُ أو بجَميعِه … مثلَ أن يَحلفَ أنْ لا يَفعلَ شَيئًا ففعَلَ بعضَه أو أنَّه يَفعلُ شَيئًا فلَم يَفعلْ بعضَه فعندَ مالكٍ إذا حلَفَ ليَأكُلنَّ هذا الرَّغيفَ فأكَلَ بعضَه لا يبْرأُ إلا بأَكلِه كلِّه وإذا قالَ: «لا آكلُ هذا الرَّغيفَ» أنَّه يَحنثُ إنْ أكَلَ بعضَه وعندَ الشافِعيِّ وأَبي حَنيفةَ أنَّه لا يَحنثُ في الوَجهينِ جَميعًا حَملًا على الأَخذِ بأَكثرِ ما يَدلُّ عليه الاسمُ.

وأما تَفريقُ مالكٍ بينَ الفِعلِ والتَّركِ فلَم يَجرْ في ذلك على أَصلٍ واحدٍ؛ لأنَّه أخَذَ في التَّركِ بأَقلِّ ما يَدلُّ عليه الاسمُ وأخَذَ في الفِعلِ بجَميعِ ما يَدلُّ عليه الاسمُ وكأنَّه ذهَبَ إلى الاحتِياطِ (٢).


(١) «التاج والإكليل» (٢/ ٣١٢، ٣١٣)، و «المدونة الكبرى» (٣/ ١٢٧)، و «القوانين الفقهية» ص (١٠٨)، و «تفسير القرطبي» (٦/ ٢٦٩)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٧١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٢/ ٤٢٤)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٨٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٤/ ٢٢٩)، و «الكافي» (٤/ ٤١٤)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٣٧، ٣٣٨).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٣، ٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>