أو ثوبًا وإنْ كانَ قد استَنابَ غيرَه فيه، كما يُطلَقُ ذلك إذا توَّلاه بنَفسِه على حدٍّ واحدٍ، وإذا كانَ ذلك كذلك وجَبَ أنْ يَحنثَ به، وتَحريرُه أنْ يُقالَ: لأنَّ الفِعلَ المَحلوفَ عليه قد وقَعَ على وَجهٍ يُضافُ إليه على الإِطلاقِ فأَشبهَ أنْ يَليَه بنَفسِه (١).
وذهَبَ الشافِعيةُ إلى أَنْ مَدارَ البِرِّ أَوْ الحِنثَ رَاجعٌ إلى مُقتَضى اللَّفظِ الذي تَعلَّقت به اليَمينُ فَإِذا حلَفَ لا يَضربُ عبدَه أَوْ لا يَبيعُ أَوْ لا يَشتَرِي، أو لا يَتزوجُ، أو لا يُطلِّقُ، فأمَرَ غيرَه، فباعَ عنه، أو اشتَرى، أو ضرَبَ العبدَ، أو نكَحَ له، أو طلَّقَ .. لَم يَحنثْ؛ لأنَّ مُقتَضى اللَّفظِ أنْ لا يُباشرَ ذلك بنَفسِه نَعم إنْ أرادَ المَعنى المَجازِيَّ بأَن حلَفَ أَنْ لا يَشتَرِيَ الشَّيءَ الفُلانِيَّ وأَرادَ عدمَ دُخولِه في مُلكِه فإنَّه يَحنثُ لأنَّه غلِظَ على نَفسِه ويُقاسُ بِما ذُكرَ ما يُشابِهُ ذلك.
وحَكى الرَّبيعُ عن الشافِعيِّ قولًا آخرَ:(إذا كانَ الحالِفُ سُلطانًا لا يَتولَّى البَيعَ ولا الشِّراءَ ولا الضَّربَ بنَفسِه، فأمَرَ غيرَه، ففعَلَ عنه ذلك .. حنِثَ، وإنْ أمَرَ غيرَه، فنكَحَ له، أو طلَّقَ عنه .. لَم يَحنثْ؛ لأنَّ العادةَ أنَّه لا يَتولَّى البَيعَ ولا الشِّراءَ ولا الضَّربَ بنَفسِه، وإنَّما يَتولَّاه غيرُه عنه، وجرَت العادةُ في النِّكاحِ والطَّلاقِ أنَّه يَتولَّاه بنَفسِه، فانعَقدَت يَمينُه على ذلك).
والمَشهورُ: هو الأولُ؛ لأنَّ اليَمينَ تُحمَلُ على الحَقيقةِ دونَ المَجازِ؛
(١) «المدونة الكبرى» (٣/ ١٤١)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٣٠٢، ٣٠٣)، رقم (١٦٤٦)، و «الذخيرة» (٤/ ٥٥، ٥٦)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٦٧)، و «تحبير المختصر» (٢/ ٣٨١، ٣٨٢)، و «المغني» (٩/ ٤١٩)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣١٨)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٧٤).