للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُفرٌ، وليسَ كمَن كفَرَ باللهِ واليَومِ الآخرِ»، وكذلك قالَ طاوسٌ، وقالَ عَطاءٌ: «هو كُفرٌ دونَ كُفرٍ، وظُلمٌ دونَ ظُلمٍ، وفِسقٌ دونَ فِسقٍ».

ومنهم: مَنْ تأوَّلَ الآيةَ على تَركِ الحُكمِ بما أنزَلَ اللهُ جاحدًا له وهو قَولُ عِكرمةَ، وهو تَأويلٌ مَرجوحٌ، فإنَّ نَفسَ جُحودِه كُفرٌ، سَواءٌ حكَمَ أو لمْ يَحكمْ.

ومنهم: مَنْ تأوَّلَها على تَركِ الحُكمِ بجَميعِ ما أنزَلَ اللهُ، قالَ: ويَدخلُ في ذلك الحُكمُ بالتَّوحيدِ والإِسلامِ، وهذا تَأويلُ عَبدِ العَزيزِ الكِنانِيِّ، وهو أيضًا بعيدٌ؛ إذ الوَعيدُ على نَفي الحُكمِ بالمُنزِّلِ وهو يَتناولُ تَعطيلَ الحُكمِ بجَميعِه وببعضِه.

ومنهم: مَنْ تأوَّلَها على الحُكمِ بمُخالفةِ النصِّ تَعمدًا مِنْ غيرِ جَهلٍ به ولا خَطأٍ في التَّأويلِ، حَكاه البَغويُّ عن العُلماءِ عُمومًا.

ومنهم: مَنْ تأوَّلَها على أَهلِ الكِتابِ، وهو قَولُ قَتادةَ والضَّحاكِ وغيرِهما، وهو بَعيدٌ، وهو خِلافُ ظاهرِ اللَّفظِ فلا يُصار إليه.

ومنهم: مَنْ جعَلَه كُفرًا يَنقلُ عن المِلةِ.

والصَّحيحُ: أنَّ الحُكمَ بغير ما أنزَلَ اللهُ يَتناولُ الكُفرينِ الأَصغرَ والأَكبَرَ بحسَب حالِ الحاكمِ، فإنَّه إنِ اعتقَدَ وُجوبَ الحُكمِ بما أنزَلَ اللهُ في هذه الواقِعةِ وعدَلَ عنه عِصيانًا؛ لأنَّه معَ اعتِرافِه بأنَّه مُستحِقٌّ للعُقوبةِ فهذا كُفرٌ أَصغرُ، وإنِ اعتَقدَ أنَّه غيرُ واجبٍ وأنَّه مُخيَّرٌ فيه معَ تَيقنِه أنَّه حُكمُ اللهِ تَعالى فهذا كُفرٌ أَكبَرُ، وإنْ جهِلَه وأخطَأَه فهذا مُخطِئٌ له حُكمُ المُخطِئينَ (١).


(١) «مدارج السالكين» (١/ ٣٣٦، ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>