للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما يتَّضحُ مِنْ أَقوالِهم أنَّ المُسافِرَ لو قطَعَ مَسافةَ السَّفرِ المُحَدَّدةَ في زَمنٍ أقَلَّ؛ لِاستِعمالِه وَسائلَ أسرَعَ، فإنَّه يَقصُرُ الصَّلاةَ؛ لأنَّه يَصدُقُ عليه أنَّه سافَرَ مَسافةَ القَصرِ.

قالَ الدُّسوقيُّ مِنْ المالِكيةِ: قولُه: (لمُسافِرٍ) أي: ولو كانَ سَفرُه على خِلافِ العادةِ، بأن كانَ بطَيرانٍ أو بخُطوةٍ، فمَن كانَ يَقطعُ المَسافةَ بسَفرِه قصَرَ، ولو كانَ يَقطعُها في لَحظةٍ بطَيرانٍ ونحوِه (١).

وقالَ النَّوويُّ : قالَ أَصحابُنا: لو قطَعَ قَدرَ ثَمانيةٍ وأربَعينَ مِيلًا في ساعةٍ أو لَحظَةٍ، جازَ له القَصرُ؛ لأنَّها مَسافةٌ صالِحةٌ للقَصرِ، فلا يُؤثِّرُ قَطعُها في زَمنٍ قَصيرٍ (٢).

وقالَ البُهوتِيُّ : يَقصُرُ المُسافِرُ الرُّباعيَّةَ إلى رَكعَتينِ إِجماعًا، ولو قطَعَ المَسافةَ في ساعَةٍ واحدةٍ؛ لأنَّه صدَقَ عليه أنَّه سافَرَ أربعَةَ بُرُدٍ (مَسافةَ القَصرِ) (٣).

أمَّا الحَنفيةُ فقدِ اختَلفَ النَّقلُ عندَهم، فنقَلَ الكاسانِيُّ في «البَدائِع» عن أَبي حَنيفةَ : أنَّ المُسافِرَ لو سارَ إلى مَوضعٍ في يَومٍ أو يومَينِ، وأنه بسَيرِ الإبِلِ والمَشيِ المُعتادِ مَسيرةُ ثَلاثةِ أيَّامٍ، فإنَّه يَقصُرُ الصَّلاةَ؛


(١) «حاشِية الدُّسوقي» (١/ ٣٥٨).
(٢) «المجموع» (٥/ ٤٢٣).
(٣) «كشاف القناع» (١/ ٥٠٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٩٣)، و «كشف المخدرات» (١/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>