للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِندي أنْ يَحتاطَ ويُلاحظَ الحَرجُ والضَّروراتُ فيُفتى بحسَبها جَوازًا أو فَسادًا صِيانةً للحُقوقِ معَ أنَّه مُجتهدٌ فيه ذهَبَ إلى جَوازِه الأَئمةُ الثَّلاثةُ، وفيه عندَنا رِوايتانِ، والأَحوطُ نَصبُ وَكيلٍ عنه يَعرفُ أنَّه يُراعي جانبَ الغائبِ ولا يُفرطُ في حقِّه». اه مُلخَّصًا، وارتَضاه في نُورِ العينِ فيَنبغي التَّعويلُ عليه، وقالَ العَلامةُ الخَيرُ الرَّمليُّ في حاشيةِ البَحرِ: «لكنْ إذا لُوحظَ الحَرجُ والضَّرورةُ يَجبُ اعتِبارُ عَدمِ إِمكانِ مُراجعةِ الغائبِ وإِحضارِه حتى لو أمكَنَ لا يَصحُّ لعَدمِ الضَّرورةِ» اه. واللهُ تَعالى المُوفِّقُ» (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه يَجوزُ القَضاءُ على الغائبِ إنْ أقامَ الخَصمُ البَينةَ وطلَبَ مِنْ القاضِي الحُكمَ عليه، واستدَلُّوا على ذلك بما يَلي:

قَولُه تَعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩] فلمْ يُفرقْ بينَ حاضرٍ وغائبٍ.

وقَولُه : «لو يُعطى الناسُ بدَعواهم لادَّعى ناسٌ دِماءَ رِجالٍ وأَموالَهم، ولكنَّ اليَمينَ على المُدعى عليه» (٢). ولمْ يُفرقْ بينَ أنْ يَكونَ المُدعى عليه حاضرًا أو غائبًا.

قَولُه لهِندٍ: «خُذي ما يَكفيكِ ووَلدَكِ بالمَعروفِ» (٣). فقُضيَ على أَبي سُفيانَ ولمْ يَكنْ حاضرًا.


(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٤/ ٦١).
(٢) أخرجه البخاري (٤٢٧٧)، ومسلم (١٧١١).
(٣) أخرجه البخاري (٥٠٤٩)، ومسلم (١٧١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>