وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ تَوليةُ المَرأةِ القَضاءَ، واستدَلُّوا على ذلك بما يلي:
قَولُه تَعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [النساء: ٢٣] يَعني في العَقلِ والرَّأي فلمْ يَجزْ أنْ يَقمْنَ على الرِّجالِ.
وقَولُ النَّبيِّ ﷺ: «لنْ يُفلحَ قَومٌ وَلَّوا أَمرَهم امرَأةً» (١). وضِدُّ الفَلاحِ: الفَسادُ، فاقتَضى الخبَرُ أنَّها إذا وليَتِ القَضاءَ فسَدَ أَمرُ مَنْ ولِيَتْهم.
ولأنَّها وِلايةٌ لفَصلِ القَضاءِ والخُصومةِ فوجَبَ أنْ تُنافيَها الأُنوثةُ كالإِمامةِ الكُبرى.
ولأنَّ كلَّ مَنْ لمْ يَجزْ أنْ يَكونَ حاكمًا في الحُدودِ فكذلك لا يَكونُ حاكمًا في غيرِ الحُدودِ.
ولأنَّ القاضِي يَحضرُه مَحافلُ الخُصومِ والرِّجال ويَحتاجُ فيه إلى كَمالِ الرَّأي وتَمامِ العَقلِ والفِطنةِ، والمَرأةُ ناقصةُ العَقلِ قَليلةُ الرَّأي، ليسَتْ أَهلًا للحُضورِ في مَحافلِ الرِّجالِ ولا تُقبلُ شَهادتُها ولو كانَ معَها أَلفُ امرَأةٍ مِثلِها ما لمْ يَكنْ معَهن رَجلٌ، وقد نبَّهَ اللهُ تَعالى على ضَلالِهن ونِسيانِهن بقَولِه تَعالى: ﴿أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى﴾ [البقرة: ٢٨٢] ولا تَصلحُ للإِمامةِ العُظمى ولا لتَوليةِ البُلدانِ، ولهذا لمْ يُولِّ النَّبيُّ
(١) أخرجه البخاري (١٤٦٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute