للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِدةِ الفَرحِ والغَضبِ والسُّكرِ، كما تَقدَّمَت شَواهِدُه، وكذلك الخَطَأُ والنِّسيانُ والإِكراهُ والجَهلُ بالمَعنى، وسَبقُ اللِّسانِ بما لم يُرِدْه والتَّكلُّمُ في الإِغلاقِ ولَغوُ اليَمينِ فهذه عَشرةُ أَشياءَ لا يُؤاخِذُ اللَّهُ بها عَبدَه بالتَّكلُّمِ في حالٍ منها لعَدمِ قَصدِه وعَقدِ قَلبِه الذي يُؤاخِذُه به (١).

وهذا عامٌّ في جَميعِ ما يَحتاجُ إلى لَفظٍ، وليسَ خاصًّا بالإِقرارِ.

وصيغةُ الإِقرارِ نَوعانِ: صَريحٌ ودِلالةٌ، فالصَّريحُ نَحوُ أن يَقولَ: «لفُلانٍ علَيَّ ألفُ دِرهَمٍ»؛ لأنَّ كَلِمةَ «علَيَّ» كلِمةُ إِيجابٍ لُغةً وشَرعًا، قالَ اللَّهُ : ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧]، وكذا إذا قالَ لرَجُلٍ: «لي عليك ألفُ دِرهَمٍ»، فقالَ الرَّجلُ: «نَعَم»؛ لأنَّ كَلِمةَ «نَعَم» خرَجَت جَوابًا لكَلامِه، وجَوابُ الكَلامِ إِعادةٌ له لُغةً كأنَّه قالَ: «لك علَيَّ ألفُ دِرهَمٍ».

وكذلك إذا قالَ: «لفُلانٍ في ذِمَّتي ألفُ دِرهَمٍ»؛ لأنَّ ما في الذِّمةِ هو الدَّينُ، فيَكونُ إِقرارًا بالدَّينِ.

وهذه الأمثِلةُ وما شابَهها كُلُّ ما تُؤدِّي صَريحةً أو دِلالةً إلى الإِقرارِ يُؤاخَذُ به المُقِرُّ.

ويَصِحُّ الإِقرارُ مِنْ الأخرَسِ إذا فُهمَت إِشارَتُه وكذا بالكِتابةِ (٢).


(١) «إعلام الموقعين» (٣/ ١٠٥، ١٠٦).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٠٧، ٢٠٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٢٨، ٢٢٩)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٩١، ٩٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٣٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٧٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>