للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلًا للاستِحقاقِ فإنَّها غيرُ قابِلةٍ للمِلكِ في الحالِ ولا في المَآلِ، ولا يُتَصوَّرُ منها تَعاطي السَّبَبِ كالبَيعِ ونَحوِه.

وهذا إذا كانَ في المالِكِ، أمَّا إذا أقَرَّ لخَيلٍ مُسبَّلةٍ أو لمَسجِدٍ فيَصِحُّ عندَ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ، ويُحمَلُ على أنَّه مِنْ غَلةِ وَقفٍ عليها أو وَصيةٍ لها (١).

قالَ الشافِعيةُ: وأمَّا إنْ قالَ: «عليَّ بسَبَبِها لمالِكِها كذا»، وَجَبَ لأنَّه أقَرَّ للمالِكِ لا لها، وهي السَّبَبُ: إمّا بجِنايةٍ عليها، وإمَّا باستيفاءِ مَنفَعَتِها بإجارةٍ أو غَصبٍ، ويَكونُ المُقَرُّ به مِلكًا لمالِكِها حينَ الإِقرارِ، فإنْ لم يَقُلْ: «لمالِكِها»، واقتَصَرَ على قَولِه: بسَبَبِها لم يَلزَمْ أنْ يَكونَ المُقَرُّ به لمالِكِها في الحالِ، بل يُسألُ ويُحكَمُ بمُوجِبِ بَيانِه إذ يَحتمِلُ أنْ يَكونَ المُقَرُّ به لغَيرِ مالِكِها، كأنْ تَكونَ أتَلَفَت شَيئًا على إنسانٍ وهي في يَدِ المُقِرِّ (٢).

وأمَّا الحَنابِلةُ فقالوا: إنْ أقَرَّ لبَهيمةٍ بشَيءٍ لم يَصِحَّ الإقرارُ، لأنَّها لا تَملِكُ، ولا لها أهليةُ المِلكِ، وإنْ قالَ: «علَيَّ ألفٌ بسَبَبِ هذه البَهيمةِ» لم يَكنْ مُقِرًّا لأحَدٍ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهَبِ؛ لأنَّ مِنْ شَرطِ صِحةِ الإِقرارِ ذِكرَ المُقَرِّ له، وإنْ قالَ: «لمالِكِها أو لزَيدٍ عليَّ ألفٌ بسَبَبِها» صَحَّ.


(١) «المبسوط» للشيباني (٨/ ١٩٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٨٥، ٨٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٨٩، ٩٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٣١)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٥٨٦، ٥٨٨) «المغني» (٥/ ٨٩)، و «المبدع» (١٠/ ٣٠٨)، و «الإنصاف» (١٢/ ١٤٥، ١٤٦)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٨١).
(٢) «النجم الوهاج» (٥/ ٨٩، ٩٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٣١)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٥٨٦، ٥٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>