للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ رجَعَ المُقَرُّ له إلى تَصديقِ المُقِرِّ في الأوَّلِ فأنكَرَ المُقِرُّ عقِبَ تَصديقِ المُقَرِّ له فهَل يَصحُّ إِقرارُه أيضًا أو يَبطُلُ؟ قَولانِ في المَذهَبِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ كذَّبَ المُقَرُّ له المُقِرَّ ترَكَ المالَ في يَدِ المُقِرِّ في الأصَحِّ؛ لدِلالَتِها على المِلكِ ظاهِرًا، والإِقرارُ عارَضَه التَّكذيبُ فسقَطَ.

فعلى هذا يَجوزُ له التَّصرُّفُ فيه كيفَما شاءَ إلا إذا كانَ ظانًّا أنَّ المالَ للمُقَرِّ له فيَمتَنِعُ عليه التَّصرُّفُ.

وقيلَ: يَحفَظُه القاضِي إلى أنْ يَظهَرَ مالِكُه؛ لأنَّه كالمالِ الضّائِعِ.

فإنْ رجَعَ المُقِرُّ في حالِ تَكذيبِ المُقَرِّ له وقالَ: «غَلِطتُ» في الإِقرارِ، أو «تَعمَّدتُ الكَذبَ» قُبلَ قَولُه في الأصَحِّ، بِناءً على أنَّ المالَ يُتْرَكُ في يدِه.

والثانِي: لا يُقبَلُ قَولُه بِناءً على أنَّ الحاكِمَ يَنزِعُه منه إلى ظُهورِ مالِكِه.

وإنْ كَذَّبَ المُقَرُّ له المُقِرَّ ثم رجَعَ المُقَرُّ له فلا يُقبَلُ على الأصَحِّ، ولا يُصرَفُ إليه إلا بعدَ إقرارٍ جَديدٍ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: ومَن أقَرَّ لمُكلَّفٍ بمالٍ في يَدِه وكَذَّبَه مُقَرٌّ له في إقرارِه؛ بَطَلَ إِقرارُه بتَكذيبِه، ويُقِرُّ المُقِرُّ به في يَدِ المُقِرِّ لأنَّه مالٌ بيَدِه لا يَدَّعيه غَيرُه؛ أشبَهَ اللُّقطةَ، وكانَ للمُقِرِّ أنْ يَتَصرَّفَ فيما أقَرَّ به بما شاءَ.


(١) «شرح مختصر خليل» (٦/ ٨٧)، و «شرح الزرقاني» (٦/ ١٦٥)، و «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٥/ ٨٦)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٠٣).
(٢) «النجم الوهاج» (٥/ ٩٠، ٩١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٣٢، ٢٣٤)، و «تحفة المحتاج» (٦/ ٥٩٢، ٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>