للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أقَرَّ الخَصمُ في مَجلِسِه فوجَبَ عليه الحُكمُ به كما لو قامَت بذلك البَيِّنةُ عِندَه وليسَ عِندَه أحَدٌ غَيرُه يَسمَعُ معَه شَهادَتَهما فإنَّ هذا مَحلُّ وِفاقٍ.

وقالَ القاضِي: لا يَحكُمُ بالإِقرارِ في مَجلِسِه حتى يَسمَعَه معَه شاهِدانِ دَفعًا للتُّهمةِ عنه، إلا أنْ يَقضيَ بعِلمِه فإنَّه يَجوزُ له الحُكمُ حينَئِذٍ.

والتَّحقيقُ أنَّ هذا يُشبِهُ مَسألةَ الحُكمِ بعِلمِه مِنْ وَجهٍ ويُفارِقُها مِنْ وَجهٍ فشَبَهُ ذلك بمَسألةِ حُكمِه بعِلمِه أنَّه ليسَ هُناكَ بيِّنةٌ وهو في مَوضِعِ تُهمةٍ.

ووَجهُ الفَرقِ بينَهما أنَّ الإِقرارَ بيِّنةٌ قامَت في مَجلِسِه فإنَّ البيِّنةَ اسمٌ لما يُبيَّنُ به الحَقُّ، فعَلِمَ الحَقَّ في مَجلِسِ القَضاءِ الذي انتَصَبَ فيه للحُكمِ به، وليسَ مِنْ شَرطِ صِحةِ الحُكمِ أنْ يَكونَ بمَحضَرِ شاهِدَينِ، فكذلك لا يُعتبَرُ في طَريقِه أنْ يَكونَ بمَحضَرِ شاهِدَينِ، وليسَ هذا بمَنزِلةِ ما رَآه أو سمِعَه في غيرِ مَجلسِه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا خِلافَ في أنَّ للحاكِمِ أنْ يَحكُمَ بالبَيِّنةِ والإِقرارِ في مَجلِسِ حُكمِه إذا سمِعَه معَه شاهِدانِ، فإنْ لم يَسمَعْه معَه أحَدٌ أو سمِعَه شاهِدٌ نَصَّ أحمدُ على أنَّه يُحكَمُ به.

وقالَ القاضِي: لا يَحكُمُ به حتى يَسمَعَه معَه شاهِدانِ؛ لأنَّه حكَمَ بعِلمِه (٢).


(١) «الطرق الحكمية» ص (٢٨٢، ٢٨٣).
(٢) «المغني» (١٠/ ١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>