ادَّعَت النِّكاحَ فأنكَرَ الزَّوجُ، ثم ماتَت المَرأةُ، فجاءَ الرَّجلُ يَطلُبُ ميراثَها وزعَمَ أنَّه تَزوَّجَها فله المِيراثُ، ذكَرَ المَسألتَيِن في «المُنتَقى» من غيرِ خِلافٍ، وفي المَسألةِ الثانية خِلافٌ عندَ أَبي حَنيفةَ لا مِيراثَ لها، وعلى قَولِ أَبي يُوسفَ ومُحمدٍ لها المِيراثُ.
وإذا ادَّعى الرَّجلانِ نِكاحَ امرَأةٍ أنَّهما تَزوَّجاها، أو ادَّعَت أُختانِ النِّكاحَ على رَجلٍ أنَّه تَزوَّجَهما وأقاموا -أي الجَميعُ: الرَّجلانِ والأُختانِ- البَيِّنةَ على دَعواهم، تَهاتَرَت -أي: البَيِّنةُ- منهم في حالةِ الحَياةِ، يَعني لا يُقضَى لهم؛ لأنَّ المَقصودَ في حالةِ الحَياةِ الحِلُّ، ولا تَحلُّ الشَّرِكةُ، وبعدَ المَماتِ تُقبلُ البَيِّنةُ، ويُقضَى بالمِيراثِ بَينَهم بعدَ المَماتِ؛ لأنَّ المِيراثَ يَقبلُ الانقِسامَ.
وعلى هذا يُقضَى للأُختَينِ لكلِّ واحِدٍ منهما بالمَهرِ وبنِصفِ المِيراثِ.
ويُقضَى لكلِّ رَجلٍ منهما بالنِّصفِ، وهو مِيراثُ الزَّوجِ، أي: يُقضَى لهما بمِيراثِ زَوجٍ واحِدٍ؛ لأنَّ حُكمَ النِّكاحِ بعدَ المَوتِ المِيراثُ وهو يَحتمِلُ الشَّركةَ (١).
وقالَ المالِكيةُ: إنِ ادَّعَت امرَأةٌ بعدَ مَوتِ رَجلٍ أنَّه تَزوَّجَها بصَداقٍ مَعلومٍ وأقامَت على ذلك شاهِدًا وامرأتَينِ أو أحَدَهما وحلَفَت معَه فإنَّه يَثبُتُ بذلك المالُ دونَ النِّكاحِ عندَ ابنِ القاسِمِ وهو المَشهورُ.
(١) «فتاوى قضيخان» (١/ ١٩٩)، و «المحيط البرهاني» (١٠/ ٩٩)، و «البناية شرح الهداية» (١٢/ ٥٣٣)، و «البحر الرائق» (٧/ ٣٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٧/ ١٩)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٧٢).