للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : ولا تُرجَّحُ الدَّعوَى بكَونِ الدَّواخِلِ إلى أحَدِهما والخَوارِجِ ووُجوهِ الآجُرِّ والحِجارةِ، ولا بكَونِ الآجُرَّةِ الصَّحيحةِ ممَّا يَلي مِلكَ أحَدِهما، وأَقطاعِ الآجُرِّ إلى مِلكِ الآخَرِ، ولا بمَعاقِدِ القُمُطِ في الخُصِّ، يَعني عَقدَ الخُيوطِ التي يُشَدُّ بها الخُصُّ، وبهذا قالَ أَبو حَنيفةَ والشافِعيُّ.

وقالَ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ: يُحكَمُ به لمَن إليه وَجهُ الحائِطِ ومَعاقِدُ القُمُطِ لمَا رَوى نَمرُ بنُ حارِثةَ التَّميميُّ عن أَبيه «أنَّ قَومًا اختَصَموا إلى النَّبيِّ في خُصٍّ فبعَثَ حُذيفةَ بنَ اليَمانِ ليَحكُمَ بينَهم، فحكَمَ به لمَن يَليه مَعاقِدُ القُمُطِ، ثم رجَعَ إلى النَّبيِّ فأخبَرَه فقالَ: «أصَبتَ وأحسَنتَ» (١) رَواه ابنُ ماجَه، ورُويَ نَحوُه عن علِيٍّ ولأنَّ العُرفَ جارٍ بأنَّ مَنْ بَنى حائِطًا جُعِلَ وَجهُ الحائِطِ إليه.

ولنا: عُمومُ قَولِه : «البَيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على مَنْ أنكَرَ»، ولأنَّ وَجهَ الحائِطِ ومَعاقِدَ القُمُطِ إذا كانا شَريكَينِ فيه لا بدَّ من أنْ يَكونَ إلى أحَدِهما؛ إذْ لا يُمكِنُ كَونُه إليهما جَميعًا فبطَلَت دِلالَتُه كالتَّزويقِ، ولأنَّه يُرادُ للزِّينةِ فأشبَهَ التَّزويقَ، وحَديثُهم لا يُثبِتُه أهلُ النَّقلِ، وإِسنادُه مَجهولٌ، قالَه ابنُ المُنذِرِ، قالَ الشالَنجيُّ: ذكَرتُ هذا الحَديثَ لأحمدَ فلم يُقنِعْه، وذكَرتُه لإِسحاقَ بنِ راهَويهِ فقالَ: ليسَ هذا حَديثًا، ولم يُصحِّحْه، وحَديثُ علِيٍّ فيه مَقالٌ، وما ذكَروه من العُرفِ ليسَ بصَحيحٍ؛ فإنَّ العادةَ


(١) ضعيفٌ جدًّا: تَقدَّمَ تَخريجُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>