للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ السَّرخَسيُّ : (دابةٌ في يَدِ رَجلٍ ادَّعاها آخَرُ أنَّها دابَّتُه نتَجَها عندَه وأقامَ البَيِّنةَ على ذلك وأقامَ ذو اليَدِ البَيِّنةَ على مِثلِ ذلك قُضيَ بها لذي اليَدِ استِحسانًا) وفي القياسِ يُقضى بها للخارِجِ وهو قَولُ ابنِ أَبي لَيلى ، ووَجهُه أنَّ مَقصودَ كلِّ واحِدٍ منهما إِثباتُ المِلكِ حتى لا يَصيرَ خَصمًا إلا بدَعوى المِلكِ لنَفسِه، وفيما هو المَقصودُ ب «بَيِّنةُ ذي اليَدِ لا تُعارِضُ بيِّنةَ الخارجِ» كما بَيَّنَّا في دَعوى المِلكِ المُطلَقِ ولا فَرقَ بينَهما؛ فإنَّ إِقامةَ البَيِّنةِ على المِلكِ المُطلَقِ تُوجِبُ الاستِحقاقَ من الأصلِ، كإِقامةِ البَيِّنةِ على النِّتاجِ، إلا أنَّا استَحسَنَّا للأثَرِ، وهو ما رَواه أَبو حَنيفةَ عن الهَيثَمِ عن رَجُلٍ عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ «أنَّ رَجلًا ادَّعَى ناقةً بينَ يدَي رَسولِ اللهِ على رَجلٍ وأقامَ البَيِّنةَ أنَّها ناقَتُه نَتَجَها وأقامَ ذو اليَدِ البَيِّنةَ أنَّها دابَّتُه نَتَجَها فقَضى رَسولُ اللهِ بها للذي هي في يَدِه».

ولأنَّ يَدَ ذي البَيِّنةِ لا تَدلُّ على أولَويةِ المِلكِ؛ فهو يُثبِتُ ببَيِّنتِه ما ليسَ بثابِتٍ، فوجَبَ بظاهِرِ يَدِه فوجَبَ قَبولُ البَيِّنةِ ثم تَترجَّحُ بيَدِه بخِلافِ المِلكِ المُطلَقِ؛ فإنَّ هناك لا يَثبُتُ ببَيِّنتِه إلا ما هو ثابِتٌ له بظاهِرِ يدِه فوجَبَ قَبولُ بيِّنتِه (١).

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ العَينَ إذا كانَت بيَدِ أحَدِهما وكانَ لكلٍّ منهما بيِّنةٌ سُمعَت بيِّنةُ المُدَّعي وهو الخارِجُ، وحُكمَ له بها لحَديثِ:


(١) «المبسوط» (١٧/ ٦٤)، و «اللباب» (٢/ ٤٢٢، ٤٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>