للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو قالَ لها: «أسلَمتِ قَبلي، فلا نِكاحَ بَينَنا ولا مَهرَ لك»، وقالَت: «بل أسلَمنا معًا»، صُدِّقَ في الفُرقةِ بلا يَمينٍ وفي المَهرِ بيَمينِه على الأظهَرِ؛ لأنَّ الظاهِرَ معَه، وصُدِّقَت بيَمينِها على الثاني؛ لأنَّها لا تُتركُ بالسُّكوتِ؛ لأنَّ الزَّوجَ يَزعُمُ سُقوطَ المَهرِ، فإذا سكَتَت ولا بيِّنةَ جُعلَت ناكِلةً وحلَفَ هو وسقَطَ المَهرُ.

والأمينُ في دَعوى الرَّدِّ مُدَّعٍ على الأظهَرِ؛ لأنَّه يَزعُمُ الرَّدَّ الذي هو خِلافُ الظاهِرِ، لكنَّه يُصدَّقُ بيَمينِه؛ لأنَّه أثبَتَ يَدَه لغَرضِ المالِكِ، وقد ائتَمَنه فلا يَحسُنُ تَكليفُه بيِّنةَ الرَّدِّ.

وأمَّا على القَولِ الثانِي فهو مُدَّعًى عليه؛ لأنَّ المالِكَ هو الذي لو سكَتَ تُركَ، وفي التَّحالُفِ كلٌّ من الخَصمَينِ مُدَّعٍ ومُدَّعًى عليه لاستِوائِهما (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: المُدَّعي: من يُطالِبُ غَيرَه بحَقٍّ. والمُدَّعَى عليه: المُطالَبُ -بفَتحِ اللَّامِ-؛ أي: الذي يَطلُبُه غَيرُه بحَقٍّ يَذكُرُ استِحقاقَه عليه.

ويُقالُ أيضًا: المُدَّعي: مَنْ إذا ترَكَ تُركَ، والمُدَّعَى عليه: مَنْ إذا ترَكَ لا يُتركُ، بل يُقالُ له: «إنْ أجَبتَ؛ وإلا جَعلتُك ناكِلًا وقَضَيتُ عليكَ».

وقد يَكونُ كلُّ واحِدٍ منهما مُدَّعيًا ومُدَّعًى عليه بأنْ يَختلِفا في العَقدِ فيَدَّعيَ كلُّ واحِدٍ منهما أنَّ الثَّمنَ غيرُ الذي ذكَرَه صاحِبُه (٢).


(١) «النجم الوهاج» (١٠/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٤٢٩، ٤٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ٣٩٨).
(٢) «المغني» (١٠/ ٢٤١)، و «المبدع» (١٠/ ١٤٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ٤٨٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٠٠)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٥٦٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>