للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المالِكيةُ: يُكرَهُ تَنفُّلُ إمامٍ إذا جاءَ وقد حانَ وقتُ الخُطبةِ، وليَرقَ المِنبَرَ كما يَدخلُ؛ لأنَّه كانَ إذا دخَلَ رَقَى المِنبَرَ، ولا يَتنفَّلُ، إلا إن بكَّرَ قبلَ ذلك؛ فلا بَأسَ أن يَركَعَ ويَجلِسَ مع النَّاسِ.

ويُكرَهُ تَنفُّلُ جالِسٍ في المَسجدِ يومَ الجمُعةِ عندَ الأذانِ الأوَّلِ لها قبلَ خُروجِ الخَطيبِ؛ وإنَّما يُكرَهُ إذا كانَ يُقتدَى به (مِنْ عالِمٍ أو سُلطانٍ أو إمامٍ) لا غيرِهم؛ خَوفَ اعتِقادِ العامَّةِ وُجوبَه، فلو فعَلَه إِنسانٌ في خاصَّةِ نَفسِه فلا بَأسَ به، إذا لم يُجعَلْ ذلك استِنانًا، ولا يُكرَهُ لداخِلٍ إلى المَسجدِ (١).

فقد سُئلَ شَيخُ الإِسلامِ عن الصَّلاةِ بعدَ الأَذانِ يومَ الجمُعةِ: هل فعَلَه النَّبيُّ ، أو أحَدٌ مِنْ الصَّحابةِ والتَّابِعينَ، والأئمَّةِ أو لا؟ وهل هو مَنصوصٌ في مَذهبٍ مِنْ مَذاهبِ الأئمَّةِ المُتفَقِ عليهم؟ وقولُ النَّبيِّ : «بينَ كلِّ أَذانَينِ صَلاةٌ»، هل هو مَخصوصٌ بيَومِ الجمُعةِ أو هو عامٌّ في جَميعِ الأَوقاتِ؟

فأجابَ : الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمِينَ: أمَّا النَّبيُّ فإنَّه لم يَكنْ يُصلِّي قبلَ الجمُعةِ بعدَ الأذانِ شَيئًا، ولا نُقلَ هذا عن أحَدٍ، فإنَّ النَّبيَّ كانَ لا يُؤَذَّنُ على عَهدِه إلا إذا قعَدَ على المِنبَرِ، ويُؤذِّنُ بِلالٌ، ثم يَخطُبُ النَّبيُّ الخُطبَتينِ، ثم يُقيمُ بِلالٌ فيُصلِّي النَّبيُّ بالنَّاسِ، فما كانَ يُمكِنُ أن يُصلِّيَ بعدَ الأذانِ هو ولا أحَدٌ مِنْ


(١) «شرح مختصر خليل» (٢/ ٨٧)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٢٦٥)، و «منح الجليل» (١/ ٤٤٦)، و «جواهر الدُّرر» (٢/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>