للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبي يُصلِّي في المَسجدِ إذا أذَّنَ المُؤذِّنُ أربعَ رَكعاتٍ (١).

وقالَ إِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ بنِ هانِئٍ في «مَسائلِه لِلإمامِ أحمدَ»: رأيتُ أبا عبدِ اللهِ -يَعني أحمدَ- إذا كانَ يَومُ الجمُعةِ يُصلِّي إلى أن يَعلَمَ أنَّ الشَّمسَ قد قارَبَت أن تَزولَ، فإذا قارَبَت أمسَكَ عن الصَّلاةِ حتى يُؤذِّنَ المُؤذِّنُ، فإذا أخَذَ في الأذانِ قامَ فصلَّى رَكعَتينِ أو أربَعًا، يَفصِلُ بينَهما بالسَّلامِ.

وقالَ أيضًا: رَأَيتُ أبا عبدِ اللهِ إذا أذَّنَ المُؤذِّنُ يومَ الجمُعةِ صلَّى رَكعَتينِ، وربَّما صلَّى أربَعًا على خِفَّةِ الأذانِ وطُولِه.

قالَ ابنُ رَجبٍ : وممَّا يَدلُّ على استِحبابِ الصَّلاةِ في هذا الوقتِ يومَ الجمُعةِ: أنَّه وقتٌ يُرجَى فيه ساعةُ الإجابةِ، فالمُصلِّي فيه يَدخلُ في قولِه : «لا يُوافِقُها عبدٌ قائِمٌ يُصلِّي، يَسألُ اللهَ شَيئًا إلا أَعطاه». ثم قالَ: وقدِ اختُلفَ في الصَّلاةِ قبلَ الجمُعةِ: هل هي مِنْ السُّننِ الرَّواتبِ كسُنةِ الظُّهرِ قبلَها، أو هي مُستحبَّةٌ مُرغَّبٌ فيها، كالصَّلاةِ قبلَ العَصرِ؟ وأكثرُ العُلماءِ على أنَّها سُنةٌ راتِبةٌ، منهمُ: الأَوزاعيُّ والثَّوريُّ وأبو حَنيفةَ وأَصحابُه، وهو ظاهرُ كَلامِ أحمدَ، وقد ذكَرَ القاضِي أبو يَعلى في «شَرح المُهذَّبِ»، وابنُ عَقيلٍ، وهو الصَّحيحِ عندَ أَصحابِ الشافِعيِّ، وقالَ كَثيرٌ مِنْ مُتأَخِّري أَصحابِنا: ليسَت سُنةً راتِبةً، بَلْ مُستحَبَّةٌ (٢).


(١) «كشاف القناع» (٢/ ٤١)، و «مطالب أولي النُّهى» (١/ ٧٨٢).
(٢) «فتح الباري» لابن رجب (٥/ ٥٤٢، ٥٤٤)، وله رسالة في هذا سَمَّاها: «نَفي البِدعة عن الصَّلاة قبلَ الجمُعة». وانظر في هذا: «الإنصاف» (٢/ ٤٠٦)، و «نيل الأوطار» (٣/ ٣١٢، ٣١٤)، و «طرح التَّثريب» (٣/ ٣٦)، و «مُغني المحتاج» (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>