وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ في المَذهبِ إلى أنَّ ما ليسَ بمالٍ وليسَ المَقصودُ منه المالَ ويَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ كالنِّكاحِ والرَّجعةِ والطَّلاقِ والعِتاقِ والوَكالةِ والوَصيةِ إليه، وقَتلِ العَمدِ والحُدودِ، سِوى حَدِّ الزِّنا لا يَثبُتُ إلا بشاهِدَينِ ذَكرَينِ ولا يُقبلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ ولا النِّساءِ معَ الرِّجالِ لقوله ﷿ في الرَّجعةِ: ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [الطلاق: ٢]، ولِما رَوى ابنُ مَسعودٍ ﵁ أنَّ النَّبيَّ ﷺ قالَ:«لا نِكاحَ إلا بوَليٍّ وشاهِدَيْ عَدلٍ».
وقالَ في الوَصيةِ: ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦]، فنَصَّ على شَهادةِ الرِّجالِ، فلم يَجزْ أنْ يُقبلَ فيه شَهادةُ النِّساءِ كالزِّنا.
ورَوى مالِكٌ عن عَقيلٍ عن ابنِ شِهابٍ قالَ:«مَضَت السُّنةُ من رَسولِ اللهِ ﷺ أنَّه لا يَجوزُ شَهادةُ النِّساءِ في الحُدودِ، ولا في النِّكاحِ، ولا في الطَّلاقِ» وقِسْنا عليها كلَّ ما لا يُقصَدُ به المالُ ويَطَّلعُ عليه الرِّجالُ.