للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا الخَصمُ فهو نَوعانِ: أحَدُهما: كلُّ مَنْ خاصَمَ في حَقٍّ لا تُقبلُ شَهادتُه فيه كالوَكيلِ لا تُقبلُ شَهادتُه فيما هو وَكيلٌ فيه، والوَصيِّ فيما هو وَصيٌّ فيه، والشَّريكِ فيما هو شَريكٌ فيه، والمُضارِبِ بمالٍ أو حَقٍّ لمُضارَبِه، ولو غصَبَ الوَديعةَ من المُودَعِ وطالَبَ بها لم تُقبَلْ شَهادتُه فيها، وكذلك ما أشبَهَ هذا؛ لأنَّه خَصمٌ فيه فلم تُقبَلْ شَهادتُه به كالمالِكِ.

والثانِي: العَدوُّ، فشَهادتُه غيرُ مَقبولةٍ على عَدوِّه في قَولِ أكثَرِ أهلِ العِلمِ، رُويَ ذلك عن رَبيعةَ والثَّوريِّ وإِسحاقَ ومالِكٍ والشافِعيِّ، ويُريدُ بالعَداوةِ ههُنا العَداوةَ الدُّنيَويةَ، مِثلَ أنْ يَشهدَ المَقذوفُ على القاذِفِ والمَقطوعُ عليه الطَّريقُ على القاطِعِ، والمَقتولُ وَليُّه على القاتِلِ، والمَجروحُ على الجارِحِ، والزَّوجُ يَشهَدُ على امرَأتِه بالزِّنا، فلا تُقبلُ شَهادتُه؛ لأنَّه يُقِرُّ على نَفسِه بعَداوتِه لها لإِفسادِها فِراشَه.

فأمَّا العَداوةُ في الدِّينِ كالمُسلمِ يَشهَدُ على الكافِرِ أو المُحِقِّ من أهلِ السُّنةِ يَشهَدُ على مُبتدِعٍ فلا تُرَدُّ شَهادتُه؛ لأنَّ العَدالةَ بالدِّينِ، والدِّينُ يَمنَعُه من ارتِكابِ مَحظورِ دِينِه.

وقالَ أَبو حَنيفةَ: لا تَمنَعُ العَداوةُ الشَّهادةَ؛ لأنَّها لا تُخِلُّ بالعَدالةِ فلا تَمنَعُ الشَّهادةَ كالصَّداقةِ.

ولنا: ما رَوى عَمرُو بنُ شُعَيبٍ عن أَبيه عن جَدِّه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «لا تَجوزُ شَهادةُ خائِنٍ ولا خائِنةٍ ولا زانٍ ولا زانيةٍ ولا ذي غِمرٍ على أخيه» رَواه أَبو داودَ، والغِمرُ: الحِقدُ، ولأنَّ العَداوةَ تُورِثُ التُّهمةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>