للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منهم، ولأنَّ من لا تُقبلُ شَهادتُه في المالِ لا تُقبلُ في الجِراحِ كالفاسِقِ، ومَن لا تُقبلُ شَهادتُه على مَنْ ليسَ بمِثلِه لا تُقبلُ على مِثلِه كالمَجنونِ (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ : فَصلٌ: الطَّريقُ الخامِسَ عَشرَ: الحُكمُ بشَهادةِ الصِّبيانِ المُميِّزينَ:

وهذا مَوضعٌ اختَلفَ فيه الناسُ، فرَدَّتها طائِفةٌ مُطلَقًا، وهذا قَولُ الشافِعيِّ وأَبي حَنيفةَ، وأَحمدَ في إِحدى الرِّواياتِ عنه، وعنه رِوايةٌ ثانيةٌ: أنَّ شَهادةَ الصَّبيِّ المُميِّزِ مَقبولةٌ إذا وُجدَت فيه بَقيةُ الشُّروطِ، وعنه رِوايةٌ ثالِثةٌ: أنَّها تُقبلُ في جِراحِ بَعضِهم بعضًا، إذا أدَّوْها قبلَ تَفرُّقِهم، وهذا قَولُ مالِكٍ.

قالَ ابنُ حَزمٍ: صحَّ عن ابنِ الزُّبَيرِ، أنَّه قالَ: «إذا جِيءَ بهم عندَ المُصيبةِ جازَت شَهادَتُهم» قالَ ابنُ أَبي مُلَيكةَ: فأخَذَ القُضاةُ بقَولِ ابنِ الزُّبَيرِ.

وقالَ قَتادةُ عن الحَسنِ قالَ: قالَ علِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ: «شَهادةُ الصَّبيِّ على الصَّبيِّ جائِزةٌ، وشَهادةُ العَبدِ على العَبدِ جائِزةٌ».

وقالَ مُعاويةُ: «شَهادةُ الصِّبيانِ على الصِّبيانِ جائِزةٌ، ما لم يَدخُلوا البُيوتَ فيُعلَّموا» وعن علِيٍّ مِثلُه أيضًا.

وقالَ ابنُ أَبي شَيبةَ: حَدَّثنا وَكيعٌ، حَدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ حَبيبِ بنِ أَبي ثابِتٍ، عن الشَّعبيِّ، عن مَسروقٍ: «أنَّ سِتةَ غِلمانٍ ذهَبوا يَسبَحونَ، فغرِقَ أَحدُهم، فشهِدَ ثَلاثةٌ على اثنَينِ أنَّهما أَغرَقاه، وشهِدَ اثنانِ على ثَلاثةٍ أنَّهم أَغرَقوه، فقَضى علِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ على الثَّلاثةِ بخُمسَيِ الدِّيةِ، وعلى الاثنَينِ بثَلاثةِ أَخماسِها».


(١) «المغني» (١٠/ ١٦٦، ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>