للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ شَهادةَ العَبيدِ تُقبلُ في غيرِ الحُدودِ والقِصاصِ.

قالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ : واتَّفَقوا على أنَّ شَهادةَ العَبيدِ لا تَصحُّ على الإِطلاقِ إلا أَحمدَ؛ فإنَّه أجازَها فيما عَدا الحُدودَ والقِصاصَ على المَشهورِ من مَذهبِه (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا الحُريةُ؛ فإنَّ جُمهورَ فُقهاءِ الأَمصارِ على اشتِراطِها في قَبولِ الشَّهادةِ، وقالَ أهلُ الظاهِرِ: تَجوزُ شَهادةُ العَبدِ؛ لأنَّ الأصلَ إنَّما هو اشتِراطُ العَدالةِ، والعُبوديةُ ليسَ لها تَأثيرٌ في الرَّدِّ إلا أنْ يَثبُتَ ذلك من كِتابِ اللهِ أو سُنةٍ أو إِجماعٍ، وكأنَّ الجُمهورَ رأَوْا أنَّ العُبوديةَ أثَرٌ من أثَرِ الكُفرِ، فوجَبَ أنْ يَكونَ لها تأثيرٌ في رَدِّ الشَّهادةِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: وتَجوزُ شَهادةُ العَبدِ في كلِّ شَيءٍ إلا في الحُدودِ، وتَجوزُ شَهادةُ الأَمةِ فيما تَجوزُ فيه شَهادةُ النِّساءِ.

الكَلامُ في هذه المَسألةِ في فُصولٍ ثَلاثةٍ:

أَحدُها: في قَبولِ شَهادةِ العَبدِ فيما عَدا الحُدودَ والقِصاصَ، فالمَذهبُ أنَّها مَقبولةٌ، رُويَ ذلك عن علِيٍّ وأنَسٍ .

قالَ أنَسٌ: «ما علِمتُ أنَّ أحَدًا رَدَّ شَهادةَ العَبدِ» وبه قالَ عُروةُ وشُرَيحٌ وإِياسٌ وابنُ سِيرينَ والبَتِّيُّ وأَبو ثَورٍ وداودُ وابنُ المُنذرِ.


(١) «الإفصاح» (٢/ ٤١٥).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٣٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>