للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: أنَّ نَقصَ الكُفرِ يَمنعُ من قَبولِ الخَبَرِ، ولا يَمنعُ منه نَقصُ الرِّقِّ، ثم ثبَتَ باتِّفاقِنا واتَّفاقِ أَبي حَنيفةَ أنَّ نَقصَ الرِّقِّ يَمنعُ من قَبولِ الشَّهادةِ، فكانَ أَولَى أنْ يَمنعَ من قَبولِها نَقصُ الكُفرِ، ولهذه المَعاني منَعَ أَبو حَنيفةَ من قَبولِ شَهادةِ عَبدةِ الأَوثانِ اعتِبارًا بنَقصِ الكُفرِ، فكذلك أهلُ الكِتابِ.

ويَتحرَّرُ من هذا الاستِدلالِ قِياسانِ:

أَحدُهما: أنَّها شَهادةٌ يُمنعُ منها الرِّقُّ، فوجَبَ أنْ يُمنعَ منها الكُفرُ، قِياسًا على شَهادةِ الوَثنيِّ.

والثانِي: أنَّها شَهادةٌ يَمنعُ منها كُفرُ الوَثنيِّ، فوجَبَ أنْ يَمنعَ منها كُفرُ الكِتابيِّ كالشَّهادةِ على المُسلمِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والإِمامُ أَحمدُ في رِوايةٍ -وهو اختيارُ شَيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميةَ وابنِ القَيمِ- إلى أنَّه تُقبلُ شَهادةُ أهلِ الذِّمةِ بعضِهم على بعضٍ إذا كانوا عُدولًا في دِينِهم، وإنِ اختَلفَت مِللُهم، وهُم اليَهودُ والنَّصارى والمَجوسُ إذا ضُربَت عليهم الجِزيةُ وأُعطُوا الذِّمةَ، ولا تُقبلُ شَهادتُهم


(١) «المدونة الكبرى» (١٣/ ١٥٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٦٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ١٠٩)، و «الأم» (٦/ ١٤١، ١٤٢)، و «الحاوي الكبير» (١٧/ ٦١)، و «البيان» (١٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٣٧٠)، و «المغني» (١٠/ ١٨١، ١٨٢)، و «شرح الزَّركشيّ» (٣/ ١١٠)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٢٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٥٩)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٦١٠)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٩٩، ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>