للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الفاسِقَ المُسلمَ أكمَلُ من الكافرِ العَدلِ، لصِحةِ العِباداتِ من الفاسِقِ، ولاستِحقاقِ المِيراثِ، وذلك لا يَصحُّ من الكافرِ، ولا يَستحِقُّ مِيراثَ مُسلمٍ، ثم كانَ الفِسقُ مانِعًا من قَبولِ الشَّهادةِ، فكانَ الكُفرُ أَولَى أنْ يَكونَ مانِعًا منها.

ويَتحرَّرُ لك من هذا الاستِدلالِ قِياسانِ:

أَحدُهما: أنَّ مَنْ لم تُقبَلْ شَهادتُه على المُسلمِ، لم تُقبَلْ شَهادتُه على غيرِ المُسلمِ كالفاسِقِ.

والثانِي: أنَّ مَنْ رُدَّت شَهادتُه بالفِسقِ رُدَّت شَهادتُه بالكُفرِ، كالشَّهادةِ على المُسلمِ، ولأنَّ الكَذبَ يَمنعُ من قَبولِ الشَّهادةِ، والكَذبُ على اللهِ تَعالى أعظَمُ من الكَذبِ على عِبادِه، ثم كانَت شَهادةُ مَنْ كذَبَ على الناسِ من المُسلِمينَ مَردودةً، والكافِرُ الكاذِبُ على اللهِ أَولَى أنْ تُردُّ شَهادتُه، وقد وصَفَ اللهُ تَعالى كَذِبَهم فقالَ: ﴿يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ﴾ [المائدة: ٥]، وقالَ تَعالى: ﴿وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)[آل عمران: ٣]. ويَتحرَّرُ من هذا الاستِدلالِ قِياسانِ:

أَحدُهما: أنَّ مَنْ كانَ مَوسومًا بالكَذبِ رُدَّت شَهادتُه، كالمُسلمِ.

والثانِي: أنَّ الكَذبَ إذا رُدَّت به شَهادةُ المُسلمِ، فأَولَى أنْ تُردَّ به شَهادةُ الكافِرِ، كالكَذبِ على الناسِ.

ولأنَّ نَقصَ الكُفرِ أغلَظُ من نَقصِ الرِّقِّ، لوَجهَينِ:

أَحدُهما: أنَّ نَقص الكُفرِ يَمنعُ من صِحةِ العِباداتِ، ولا يَمنعُ منها نَقصُ الرِّقِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>