للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُويَ عن مالكٍ أنه أمَرَ بضَربِ شَخصٍ وُجدَ مع صبيٍّ فوقَ ظَهرِ مَسجدٍ وقد جَرَّدَه وضَمَّه إلى صَدرِه أربعَمائةِ سَوطٍ فانتَفخَ وماتَ ولم يَستعظمْ ذلكَ.

فإنْ ظَنَّ عدَمَ السلامةِ أو شَكَّ مُنعَ تأديبُه بما يَتأتَّى إلى النَّفسِ، فإنْ فعَلَ ضَمِنَ في النفسِ قَودًا إنْ جزَمَ بعَدمِ السلامةِ أو ظنَّ عدَمَها، وإنْ شَكَّ في السَّلامةِ وعَدمِها فالدَّيةُ على عاقلتِه (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ والشافِعيةُ في وَجهٍ وأشهَبُ مِنْ المالِكيةِ إلى أنه لا يَجوزُ الزيادةُ على عَشرِ جَلداتٍ في التعزيرِ؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يُجلدُ فوقَ عَشرِ جَلَداتٍ إلا في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ» (٢)، وفي لَفظٍ: «لا عُقوبةَ فوقَ عَشرِ ضَرَباتٍ إلا في حَدٍّ مِنْ حُدودِ اللهِ» (٣).

وللحاكِمِ نقصُه عن عَشرةٍ؛ لأنَّ النبيَّ قدَّرَ أكثرَه ولم يُقدِّرْ أقلَّه، فيُرجعُ فيه إلى اجتهادِ الحاكِمِ بحسبِ حالِ الشخصِ.

إلا إذا وَطئَ أمَةً له فيها شِركٌ، فيُعزَّرُ بمِائةِ سَوطٍ إلا سَوطًا؛ لِما رَوى سَعيدُ بنُ المُسيبِ عن عُمرَ في أمَةٍ بينَ رَجلينِ وَطئَها أحَدُهما: «يُجلَدُ الحَدَّ إلا سَوطًا»، وليُنقَصْ عن حدِّ الزنى.


(١) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٤٥٨)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٧٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٧١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٠٣).
(٢) رواه البخاري (٦٤٥٦).
(٣) رواه البخاري (٦٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>