معًا، فكأنَّ المِصرَ ما صُلِّيَت فيه جمُعةٌ صَحيحةٌ، والصَّحيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الصَّحيحةَ لم تَفسُد، وإنَّما لم يَكنْ إثباتُ حُكمِ الصِّحةِ لها بعَينِها؛ لجَهلِها؛ فيَصيرُ هذا كلُّه كما لو زوَّجَ الوَليَّانِ أحدُهما قبلَ الآخَرِ، وجُهلَ السابقُ منهما؛ فإنَّه لا يثبُتُ حكمُ الصِّحةِ بالنِّسبةِ إلى واحدٍ بعَينِه، وثبَتَ حكمُ النِّكاحِ في حقِّ المَرأةِ؛ بحيثُ لا يَحِلُّ لها أن تَنْكِحَ زَوجًا آخرَ.
فأمَّا إن جَهِلنا كَيفيَّةَ وُقوعِهما فالأَولى ألَّا يَجوزَ إقامةُ الجمُعةِ أيضًا؛ لأنَّ الظاهِرَ صحَّةُ إحداهُما؛ لأنَّ وُقوعَهما معًا بحيثُ لا يَسبِقُ إحرامُ إحداهُما إِحرامَ الأُخرى بَعيدٌ جِدًّا، وما كانَ في غايةِ النُّدرةِ فحكمُه حكمُ المَعدومِ؛ ولأنَّنا شَكَكنا في شَرطِ إقامةِ الجمُعةِ؛ فلم يَجزْ إِقامتُها مع الشَّكِّ في شَرطِها، ويُحتَملُ أنَّ لهم إِقامتَها؛ لأنَّنا لم نَتيقَّنِ المانِعَ مِنْ صحَّتِها، والأوَّلُ أَولى.
فَصلٌ: وإن أَحرمَ بالجمُعةِ فتَبيَّنَ في أَثناءِ الصَّلاةِ أنَّ الجمُعةَ قد أُقيمَت في المِصرِ، بطَلَت الجمُعةُ، ولزِمَهم استِئنافُ الظُّهرِ؛ لأنَّنا تَبيَّنا أنَّه أَحرمَ بها في وَقتٍ لا يَجوزُ فيه الإِحرامُ بالجمُعةِ؛ فلا تَصحُّ، فأشبَهَ ما لو تَبيَّنَ أنَّه أَحرمَ بها بعدَ دُخولِ وقتِ العَصرِ، وقالَ القاضي: يُستحبُّ أن يَستَأنفَ ظُهرًا، وهذا مِنْ قولِه يَدلُّ على أنَّ له إِتمامَها ظُهرًا قِياسًا على المَسبوقِ الذي أَدركَ دونَ الرَّكعةِ، وكما لو أَحرمَ بالجمُعةِ فانفَضَّ العددُ قبلَ إِتمامِها، والفَرقُ ظاهِرٌ؛ فإنَّ هذا أَحرمَ بها في وَقتٍ لا تَصحُّ الجمُعةُ فيه، ولا يَجوزُ الإِحرامُ بها، والأصلُ الذي قاسَ عليه بخِلافِ هذا (١).