للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنِ ابنِ عُمرَ قالَ: «نزَلَ تَحريمُ الخَمرِ وإنَّ في المَدينةِ يَومئذٍ لَخَمسةَ أَشرِبةٍ ما فيها شَرابُ العِنبِ» (١).

وعنِ الشَّعبيِّ عن ابنِ عُمرَ قالَ: سَمعْتُ عُمرَ على مِنبَرِ النبيِّ يقولُ: «أمَّا بعدُ: أيُّها الناسُ إنه نزَلَ تَحريمُ الخَمرِ وهيَ من خَمسةٍ: مِنْ العِنبِ والتَّمرِ والعَسلِ والحِنطةِ والشَّعيرِ، والخَمرُ ما خامَرَ العَقلَ» (٢).

قالَ ابنُ بطَّالٍ : هذا البابُ رَدٌّ على الكُوفيِّينَ في قَولِهم: «إنَّ الخَمرَ مِنْ العِنبِ خاصَّةً، وإنَّ كُلَّ شرابٍ يُتخَذُ مِنْ غيرِه فغيرُ مُحرَّمٍ ما دُونَ السُّكْرِ منهُ»، قالَ المُهلَّبُ: وهذا التَّفسيرُ مِنْ عُمرَ مُقنِعٌ، ليسَ لأحدٍ أنْ يَتسوَّرَ فيَقولَ: «إنَّ الخَمرَ مِنْ العِنبِ وحْدَه»، فهَؤلاءِ أصحابُ النبيِّ وهمْ فُصَحاءُ العَربِ والفُقهاءُ عنِ اللهِ ورَسولِه قد فَسَّروا ما حَرَّمَه اللهُ وقالوا: إنَّ الخمْرَ مِنْ خَمسةِ أشياءَ، وقد أخبَرَ عمرُ بذلكَ حِكايةً عمَّا نزَلَ مِنْ القُرآنِ وتَفسيرًا للجُملةِ، وقالَ: «الخَمرُ ما خامَرَ العَقلَ»، وخطَبَ بذلكَ على مِنبَرِ النبيِّ بحَضرةِ الصَّحابةِ مِنْ المُهاجرِينَ والأنصارِ وغيرِهم، ولم يُنكِرْه أحَدٌ منهُم فصارَ كالإجماعِ، وهذا ابنُ عُمرَ يَقولُ: «حُرِّمَتِ الخَمرُ وما بالمَدينةِ منها شَيءٌ» يَعنِي خَمرَ العِنبِ، وقالَ أنسٌ: «وما نَجدُ خَمرَ الأعنابِ إلا قَليلًا»، وممَّن رُويَ عنه مِنْ الصَّحابةِ أنَّ الخَمرَ يكونُ مِنْ غيرِ العِنبِ -


(١) رواه البخاري (٤٣٤٠).
(٢) رواه البخاري (٤٣٤٣)، ومسلم (٣٠٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>