٤ - وله نَفيُ الذَّكرِ الحُرِّ كما يُنفى في الزنا، ويُحبَسُ للأقصى مِنْ السَّنةِ وظُهورِ التوبةِ، وضُربَ قبلَ النَّفيِ اجتِهادًا بحَسبِ ما يَراهُ الحاكمُ.
وهذه الحُدودُ الأربعُ يُخيَّرُ فيها الإمامُ، والتخييرُ بينَ الأربعِ في حقِّ المحارِبِ الذَّكرِ، أمَّا المَرأةُ فلا تُصلَبُ ولا تُنفى؛ إنما حَدُّها القَتلُ أو القَطعُ مِنْ خِلافٍ.
إلا أنه يُندَبُ للإمامِ أنْ يَنظرَ في حالِ المُحارِبِ الذي لم يَصدرْ منه قَتلٌ، فمَن كانَ له تَدبيرٌ في الحُروبِ وفي الخَلاصِ منها تَعيَّنَ له القَتلُ لا القَطعُ مِنْ خِلافٍ؛ لأنه لا يُدفعُ ضَررُه.
فإنْ لم يَكنْ عندَه تَدبيرٌ ولا بَطشٌ بل اتَّصفَ بغَيرِهما أو وقَعَتْ منه الحِرابةُ فَلْتةً مُخالِفةً لظاهرِ حالِه ومُوافِقةً لغيرِه تعيَّنَ له الضَّربُ والنفيُ، أي: يَضربُه ويَنفيهِ.
ثمَّ إنَّ الإمامَ هو الذي يُعيِّنُ ما يفعلُ بالمُحاربِ مِنْ العُقوباتِ الأربعِ المَذكورةِ، لا لمَن قُطِعتْ يَدُه ونحوُها، فلا تَعيينَ له في ذلكَ؛ إذ لا حَقَّ له في ذلك؛ لأنَّ ما يَفعلُه الإمامُ بالمحارِبِ ليس عن شيءٍ مُعيَّنٍ، وإنما هو عن جَميعِ ما يَفعلُه في حِرابتِه مِنْ إخافةٍ وأخذِ مالٍ وجرحٍ (١).
(١) «الاستذكار» (٧/ ٥٥٢، ٥٥٣)، و «أحكام القرآن» (٢/ ٩٨، ٩٩) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٦٤، ٣٦٥)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ١٠٥، ١٠٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٦١، ٣٦٣)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٩٢، ٣٩٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (١٠/ ٣٤٣، ٣٤٤).