للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتَكثيرٍ أو تَهييبٍ أو نُصرةٍ؛ لقَولِ النبيِّ : «لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مُسلمٍ يَشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأني رَسولُ اللهِ إلا بإحدَى ثَلاثٍ: الثَّيبُ الزَّاني، والنَّفسُ بالنفسِ، والتارِكُ لدِينِه المُفارِقُ للجَماعةِ» (١)، فدَلَّ هذا الحَديثُ على أنَّ الرِّدءَ لا يَحلُّ قتلُه؛ لأنه لم يُوجَدْ منه إحدَى هذهِ الخِصالِ الثلاثِ.

ومِن القِياسِ: أنه حَدٌّ يَجبُ بارتِكابِ مَعصيةٍ، فوجَبَ أنْ لا يَجبَ على المُعِينِ عليها كحَدِّ الزنا والقَذفِ والسَّرقةِ، ولأنَّ السببَ والمُباشَرةَ إذا اجتَمعَا وتَعلقَ الضَّمانُ بالمُباشَرةِ سقَطَ حُكمُ السببِ، كالمُمسِكِ والذابحِ، وحافِرِ البئرِ والدافعِ، يَجبُ الضمانُ على الذابحِ دونَ المُمسِكِ، وعلى الدافعِ في البئرِ دونَ الحافرِ، كذلكَ اجتِماعُ الرِّدءِ والمُباشِرِ في الحِرابةِ.

فإذا ثبَتَ أنْ لا حَدَّ على الرِّدءِ المُكثرِ والمُهيبِ فاختُلفَ فيما يُعاقَبُ على وَجهينِ:

أصَحُّهما: يُعزِّرُه الإمامُ باجتِهادِه بالحَبسِ أو التَّغريبِ أو سائرِ وُجوهِ التأديبِ كسائرِ المَعاصي.

والثاني: يُغرِّبُه بنَفيِه إلى حَيثُ يَرى، ولْيَختَرْ جهةً يَحُفُّ بها أهلُ النَّجدةِ مِنْ أصحابِ الإمامِ، وإذا عيَّنَ صَوبًا منَعَه العُدولَ إلى غيرِه، وعلى هذا هل يُعزَّرُ في البلدِ المَنفيِّ إليه بضَربٍ وحَبسٍ وغيرِهما؟ أم يَكفي النفيُ؟ وَجهانِ: أصَحُّهما: أنه إلى رأيِ الإمامِ وما اقتَضتْه المَصلحةُ (٢).


(١) رواه البخاري (٦٨٧٨)، ومسلم (٤٤٦٨).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٦٣، ٣٦٥)، و «البيان» (١٢/ ٥٠٣)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٦٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>