كحَدِّ السرقةِ، وإنْ كانَ هو القَتلُ فكذلكَ كحَدِّ الزِّنا وهوَ الرَّجمُ إذا كانَتْ مُحصَنةً.
وَجهُ الرِّوايةِ المَشهورةِ: أنَّ رُكنَ القَطعِ -وهو الخُروجُ على المارَّةِ على وَجهِ المُحارَبةِ والمُغالَبةِ- لا يَتحقَّقُ مِنْ النِّساءِ عادَةً؛ لرقَّةِ قُلوبِهنَّ وضَعفِ بِنيَتِهنَّ، فلا يَكُنَّ مِنْ أهلِ الحِرابِ، ولهذا لا يُقتلْنَ في دارِ الحَربِ، بخِلافِ السَّرقةِ؛ لأنها أخذُ المالِ على وَجهِ الاستِخفاءِ ومُسارَقةِ الأعيُنِ، والأنوثةُ لا تَمنعُ مِنْ ذلكَ، وكذا أسبابُ سائرِ الحُدودِ تَتحقَّقُ مِنْ النساءِ كما تَتحققُ مِنْ الرجالِ.
وأمَّا الرِّجالُ الذين معَها فلا يُقامُ عَليهِم الحدُّ في قَولِ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ -رحمهما الله-، سَواءٌ باشَرُوا معَها أو لم يُباشِروا.
وفرَّقَ أبو يُوسفَ بينَ الصبيِّ وبينَ المَرأةِ، حيثُ قالَ: إذا باشَرَ الصبيُّ لا حَدَّ على مَنْ لم يُباشِرْ مِنْ العُقلاءِ البالغِينَ، وإذا باشَرَتِ المَرأةُ تُحَدُّ كالرجالِ.
ووَجهُ الفَرقِ له: أنَّ امتِناعَ الوُجوبِ على المَرأةِ ليسَ لعَدمِ الأهليَّةِ؛ لأنها مِنْ أهلِ التكليفِ، ألَا تَرى أنه تَتعلَّقُ سائرُ الحُدودِ بفِعلِها، بل لعَدمِ المُحارَبةِ منها أو نُقصانِها عادَةً، وهذا لم يُوجَدْ في الرِّجالِ، فلا يَمتنعُ وُجوبُ الحَدِّ عليهِم، وامتِناعُ الوُجوبِ على الصبيِّ لعَدمِ أهليةِ الوُجوبِ؛ لأنه ليسَ مِنْ أهلِ الإيجابِ عليهِ، ولهذا لم يَجبْ عليه سائِرُ الحُدودِ، فإذا انتَفى الوُجوبُ عليهِ وهو أصلٌ امتَنعَ التَّبعُ ضَرورةً.