ذلكَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وغيرُهما مِنْ أهلِ العِلمِ، ويكونُ الزيتُ مِنْ بَيتِ المالِ؛ لأنَّ النبيَّ ﷺ أمَرَ به القاطِعَ، وذلكَ يَقتضِي أنْ يَكونَ مِنْ بَيتِ المالِ، فإنْ لم يُحسَمْ فذكَرَ القاضِي أنه لا شَيءَ عليه؛ لأنَّ عليه القَطعَ لا مُداواةُ المَحدودِ، ويُستحبُّ للمَقطوعِ حَسمُ نَفسِه، فإنْ لم يَفعلْ لم يَأثمْ؛ لأنه تَركَ التداوي في المَرضِ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ.
فصلٌ: ويُقطَعُ السارقُ بأسهَلِ ما يُمكِنْ، فيُجلَسُ ويُضبَطُ لئلَّا يَتحركَ فيَجنيَ على نَفسِه، وتُشَدُّ يَدُه بحَبلٍ وتُجَرُّ حتى يَبِينَ مفصلُ الكَفِّ مِنْ مفصلِ الذراعِ، ثم يُوضَعُ بينَهُما سِكِّينٌ حادٌّ ويُدَقُّ فوقَهُما بقُوةٍ ليقطعَ في مرَّةٍ واحدةٍ، أو تُوضَعُ السِّكينُ على المفصلِ وتُمَدَّى مَدَّةً واحدةً، وإنْ عُلِمَ قَطعٌ أوحَى مِنْ هذا قُطعَ بهِ.
فَصلٌ: ويُسَنُّ تَعليقُ اليَدِ في عُنقِه؛ لِما رَوى فَضالةُ بنُ عُبيدٍ «أنَّ النبيَّ ﷺ أُتِيَ بسارقٍ قُطِعتْ يَدُه ثمَّ أمَرَ بها فعُلِّقتْ في عُنقِه» رَواهُ أبو داودَ وابنُ ماجةَ، وفعَلَ ذلكَ عليٌّ ﵁، ولأنَّ فيه رَدعًا وزَجرًا.
فَصلٌ: ولا تُقطَعُ في شِدةِ حَرٍّ ولا بَردٍ؛ لأنَّ الزَّمانَ ربُّما أعانَ على قَتلِه، والغَرضُ الزَّجرُ دونَ القَتلِ، ولا تُقطَعُ حاملٍ حالَ حَملِها ولا بعدَ وَضعِها حتى يَنقضيَ نِفاسُها؛ لئلَّا يُفضِي إلى تَلفِها وتَلفِ وَلدِها، ولا يُقطَعُ مَريضٌ في مَرضِه؛ لئلَّا يأتِيَ على نَفسِه (١).