للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمْ يُستَوفَ مِنْ غيرِ حُضورِ مُطالِبٍ به، والزنا حَقٌّ للهِ تعالى مَحضٌ، فلمْ يَفتقرْ إلى طَلبٍ به.

وإذا أقَرَّ بسَرقةِ مالِ غائبٍ حُبسَ حتى يَحضرَ الغائِبُ؛ لأنه يُحتملُ أنْ يكونَ قد أباحَه، وكذا إنْ ثَبتَتِ البيِّنةُ يُحبسُ حتى يَأتِيَ صاحبُه (١).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في وَجهٍ والحَنابلةُ في رِوايةٍ إلى أنه لا يُشترطُ مُطالَبةُ المَسروقِ منه به، فإذا أقَرَّ بالسرقةِ وثبَتَ على هذا أو قامَتِ البيِّنةُ على سَرقتِه فإنه يُقامُ عليهِ الحَدُّ وإنْ لم يُطالِبِ المَسروقُ منه بهِ؛ لعُمومِ قولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، ولأنه قد ثبَتَ كَونُه سارِقًا بالإقرارِ والبيِّنةِ، فوجَبَ أنْ يُقطعَ اعتِبارًا بهِ إذا حضَرَ المَسروقُ منه فصَدَّقَ البيِّنةَ وقالَ: «لَستُ أطالِبُ بالقَطعِ».

ولأنه حَدٌّ للهِ تعالَى، فوجَبَ أنْ يُقامَ على مَنْ ثبَتَ عليه مِنْ غيرِ انتِظارِ حُضورِ مَنْ له الحَقُّ مُتعلقٌ بهِ، أصلُه حَدُّ الزنا؛ فإنه يُقامُ عليه وإنْ لم تَحضُرِ المَزنِيُّ بها (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٨١)، و «الهداية» (٢/ ١٢٧)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٤٠٠)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤١٠)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٨١)، و «البيان» (١٢/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٨٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٧، ٤٨٧)، و «المغني» (٩/ ١٢٢)، و «المبدع» (٩/ ١٣٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٨٤، ٢٨٥)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٨٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٤٢).
(٢) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٤٩٠) رقم (١٧٨٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٨١)، و «البيان» (١٢/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٨٢)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٨٧، ٤٨٧)، و «المبدع» (٩/ ١٣٩)، و «الإنصاف» (١٠/ ٢٨٤، ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>