للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقولِ اللهِ تَعالى: ﴿فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [الجمعة: ٩]، والذكرُ هو الخُطبةُ، ولأنَّ الخُطبَتينِ أُقيمَتا مَقامَ الرَّكعَتينِ، فكلُّ خُطبةٍ أُقيمَت مَكانَ رَكعةٍ، فالإِخلالُ بإحداهُما كالإِخلالِ بإحدى الرَّكعَتينِ (١).

وعَدَّ الشافِعيةُ للخُطبةِ أَركانًا خَمسةً لا بدَّ مِنْ تَوافُرِها، وهي: حَمدُ اللهِ، والصَّلاةُ على رَسولِه، والوَصيةُ بالتَّقوى، وهذه الأَركانُ الثَّلاثَةُ في كُلٍّ مِنْ الخُطبَتينِ.

والرابِعُ: قِراءةُ آيةٍ مِنْ القُرآنِ في إحداهُما.

والخامِسُ: ما يَقعُ عليه اسمُ الدُّعاءِ للمُؤمِنينَ في الخُطبةِ الثانيةِ.

واشتَرطَ الحَنابلَةُ مِنْ هذه الأَركانِ قِراءةَ آيةٍ مِنْ القُرآنِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الخُطبةَ شَرطٌ، ولكن تُجزِئُ خُطبةٌ واحدةٌ، قالَ الزَّيلَعيُّ : وتُسنُّ خُطبَتانِ بجَلسةٍ بينَهما، وبطَهارةٍ، قائِمًا. وهكذا ورَدَ النَّقلُ المُستَفيضُ عنه ، ولو خطَبَ خُطبةً واحدةً، أو لم يَجلسْ بينَهما، أو بغيرِ طَهارةٍ، أو غيرَ قائِمٍ، جازَت؛ لحُصولِ المَقصودِ وهو الذكرُ والوَعظُ، إلا أنَّه يُكرَهُ؛ لمُخالفَتِه التَّوارُثَ (٣).


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٢٢٨)، و «الذَّخيرة» (٢/ ٣٤١)، و «القوانين الفقهية» (٥٦)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٨٦)، و «المجموع» (٥/ ٦٧٠)، و «شرح المحلِّى على المنهاج» (١/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «المغني» (٣/ ١٥)، و «الإفصاح» (١/ ٢٣٦)، و «منهاج الطالبين» (١/ ٢٢).
(٢) المَصادِر السَّابِقة.
(٣) «تبيين الحقائق» (١/ ٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>