للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمِعوا لَفظَ «الخَمرِ» في الكِتابِ والسُّنةِ، فاعتَقَدوه عَصيرَ العِنبِ المُشتدِّ خاصَّةً، بِناءً على أنَّه كذلك في اللُّغةِ، وإنْ كانَ قد جاءَ من الأَحاديثِ أَحاديثُ صَحيحةٌ تُبيِّنُ أنَّ «الخَمرَ» اسمٌ لكلِّ شَرابٍ مُسكِرٍ (١).

وتارةً: لكَونِ اللَّفظِ مُشتَرَكًا، أو مُجمَلًا، أو مُتردِّدًا بينَ حَقيقةٍ ومَجازٍ، فيَحملُه على الأَقربِ عندَه، وإنْ كانَ المُرادُ هو الآخَرَ.

كما حمَلَ جَماعةٌ من الصَّحابةِ في أولِ الأمرِ الخَيطَ الأَبيَضَ والخَيطَ الأَسوَدَ على الحَبلِ (٢).

كما حمَلَ آخَرونَ قَولَه تَعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ﴾ [المائدة: ٦] على اليَدِ إلى الإبطِ.

وتارةً: لكَونِ الدِّلالةِ من النَّصِّ خَفيةً.

فإنَّ جِهاتِ دِلالاتِ الأَقوالِ مُتَّسعةٌ جِدًّا، يَتفاوَتُ الناسُ في إِدراكِها، وفَهمِ وُجوهِ الكَلامِ، بحَسبِ مَنحِ الحَقِّ سُبحانَه ومَواهِبِه.


(١) رَوى البُخاريُّ في التَّفسيرِ/ في بابِ قَولِه: إنَّما الخَمرُ والمَيسرُ والأَنصابُ والأَزلامُ رِجسٌ من عَملِ الشَّيطانِ (٤٣٤٣) عن ابنِ عُمرَ قالَ: سمِعتُ عُمرَ على مِنبَرِ النَّبيِّ يَقولُ: أمَّا بَعدُ أيُّها الناسُ إنَّه نزَلَ تَحريمُ الخَمرِ وَهيَ من خَمسةٍ: من العِنَبِ والتَّمرِ والعَسلِ والحِنطةِ والشَّعِيرِ، والخَمرُ ما خامَرَ العَقلَ.
(٢) روى البخاري (١٨١٧) عن عَديِّ بنِ حاتِمٍ قالَ: لمَّا نزَلَت: ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ عَمدتُ إلى عِقالٍ أسوَدَ وإلى عِقالٍ أَبيضَ فجعَلتُهما تحتَ وِسادَتي فجعَلتُ أنظُرُ في اللَّيلِ فلا يَستَبينُ لي فغَدَوت على رَسولِ اللهِ فذَكرتُ له ذلك فقالَ: «إنَّما ذلك سَوادُ اللَّيلِ وبَياضُ النَّهارِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>