وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه إذا اشتَركَ جَماعةٌ في سَرقةِ شَيءٍ قيمتُه رُبعُ دينارٍ قُطِعوا إذا كانَ ممَّا يَحتاجُ إلى التعاونِ عليهِ؛ للظاهِرِ، ولخبَرِ قَطعِ اليدِ في ربعِ دينارٍ فصاعدًا، ولأنهُم اشتَركُوا فيما لو انفَردَ كلُّ واحدٍ منهُم به لَوجَبَ الحَدُّ، فكانَ اشتِراكُهم بمَنزلةِ انفِرادِهم لو انفَردَ كلُّ واحدٍ منهُم به، أصلُه اشتِراكُهم في القَتيلِ.
ولأنَّ الجِناياتِ التي يُستحَقُّ بها تَناولُ الأعضاءِ يَجبُ على الجَماعةِ إذا اشتَركُوا فيها ما يَجبُ على المُنفردِ مِنْ إتلافِ الأعضاءِ، أصلُه الجَماعةُ إذا قطَعَتْ يدَ رَجلٍ أو قَطَعوا منه غيرَ اليدِ، ولأنَّ اشتِراكَهم في إخراجِ السَّرقةِ مِنْ الحِرزِ يَقتضي قطْعَ الجَميعِ ولا يُعتبَرُ انفِرادُهم بالإخراجِ؛ بدَليلِ أنهُم لو سَرَقوا مَتاعًا فحَمَلوه على دابةٍ إلى خارجِ الحِرزِ فإنَّ الكلَّ يُقطَعونَ.
وإنِ انفَردَ كلُّ واحدٍ بشَيءٍ أخَذَه لم يُقطَعْ واحدٌ منهُم، إلا أنْ يَكونَ قيمةُ ما أخرَجَه نِصابًا، ولا يُضمُّ إلى ما أخرَجَه غيرُه؛ للخبَرِ، ولأنَّ كلَّ واحدٍ منهم لم تَبلغْ سَرقتُه نِصابًا، فلمْ يَلزمْه القَطعُ كما لو انفَردَ (١).
(١) «الاستذكار» (٧/ ٥٥٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٤٧١، ٤٧٢)، و «الذخيرة» (١٢/ ١٦٩)، و «أحكام القرآن» (٢/ ١١٢).