للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصناعةُ فيهِما مَغمورةً بالنِّسبةِ إلى قيمةِ جَوهرِهما، وغَيرُهما بخِلافِهما، فتَكونُ الصِّناعةُ غالبةً عليهِ، فيكونُ بائعًا للصِّناعةِ المُحرَّمةِ، فأشبَهَ الإناءَ.

ولو سَرقَ إناءً مِنْ ذَهبٍ أو فِضةٍ قيمتُه نِصابٌ إذا كانَ مُتكسِّرًا فعَليهِ القَطعُ؛ لأنه غَيرُ مُجمَعٍ على تَحريمِه، وقِميتُه بدُونِ الصناعةِ المُختلَفِ فيها نِصابٌ، وإنْ سَرقَ إناءً مُعَدًّا لحَملِ الخَمرِ ووَضعِه فيهِ ففيهِ القَطعُ؛ لأنَّ الإناءَ لا تَحريمَ فيهِ، وإنما يَحرمُ عليهِ بنيَّتِه وقَصدِه، فأشبَهَ ما لو سَرقَ سِكينًا مُعدَّةً لذَبحِ الخَنازيرِ أو سَيفًا يُعِدُّه لقَطعِ الطَّريقِ، وإنْ سَرقَ إناءً فيه خَمرٌ يَبلغُ نِصابًا فقالَ أبو الخطَّابِ: يُقطَعُ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنه سَرقَ نِصابًا مِنْ حِرزِ مِثلِه لا شُبهةَ له فيهِ، وقالَ غيرُه مِنْ أصحابِنا: لا يُقطَعُ؛ لأنه تبَعٌ لِما لا قطْعَ فيهِ، فأشبَهَ ما لو سَرقَ مُشتَرَكًا بينَه وبينَ غيرِه، قالَ أبو إسحاقَ بنُ شاقِلَا: ولو سَرقَ إداوةً أو إناءً فيه ماءٌ فلا قطْعَ فيه كذلكَ.

ولو سَرقَ مِنديلًا في طَرفِه دينارٌ مَشدودٌ فعَلِمَ بهِ فعَليهِ القَطعُ، وإنْ لم يَعلمْ به فلا قطْعَ فيه؛ لأنهُ لم يَقصدْ سَرقتَه، فأشبَهَ ما لو تَعلَّقَ بثَوبِه، وقالَ الشافِعيُّ: يُقطعُ؛ لأنه سرَقَ نِصابًا، فأشبَهَ ما لو سَرقَ ما لم يَعلمْ أنَّ قِيمتَه نِصابٌ، والفَرقُ بينَهُما أنه عَلِمَ بالمَسروقِ هاهُنا وقصَدَ سَرقتَه، بخِلافِ الدِّينارِ؛ فإنه لم يُرِدْه ولم يَقصِدْ أخْذَه، فلا يُؤاخَذُ به بإيجابِ الحَدِّ عليهِ (١).


(١) «المغني» (٩/ ١١٤، ١١٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>