والصَّنمِ والكُتبِ المُحرَّمةِ فلا قطْعَ عليهِ باتِّفاقِ المَذاهبِ الأربَعةِ، سَواءٌ كانَتِ الخَمرُ لمُسلمٍ أو لذِميٍّ؛ لأنها ليسَتْ بمالٍ لنا، وهيَ وإنْ كانَتْ عندَهم مالًا فليسَتْ مالًا لنا، وما كانَ مالًا مِنْ وَجهٍ وغيرَ مالٍ مِنْ وَجهٍ فإنَّ أقلَّ أحوالِه أنْ يكونَ ذلكَ شُبهةً في دَرءِ الحَدِّ عن سارقِه، كمَن وَطئَ جاريةً بينَه وبينَ غيرِه، وأيضًا فإنَّ المُسلمَ مُعاقَبٌ على اقتِناءِ الخَمرِ وشُربِها مَأمورٌ بتَخليلِها أو صَبِّها، فمَن أخَذَها فإنَّما أزالَ يَدَه عمَّا كانَ عليهِ إزالتُه عنهُ، فلا يُقطَعُ.
إلا أنه يَغرمُ ثمَنَه للذِّميِّ عندَ الحَنفيةِ والمالِكيةِ.
ولا يَغرمُ ثمَنَه للذِّميِّ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ؛ لأنه لا يَكونُ الغُرمُ والقَطعُ إلا فيما يَحِلُّ ثَمنَه (١).
قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: مَسألةٌ: قالَ: (ولا يُقطَعُ في مُحرَّمٍ ولا آلةِ لَهوٍ).
يعني: لا يُقطَعُ في سَرقةِ مُحرَّمٍ كالخَمرِ والخِنزيرِ والمَيتةِ ونَحوِها، سَواءٌ سَرقَه مِنْ مُسلمٍ أو ذِميٍّ، وبهذا قالَ الشافِعيُّ وأبو ثَورٍ وأصحابُ الرَّأيِ، وحُكيَ عن عَطاءٍ أنَّ سارقَ خَمرِ الذِّميِّ يُقطعُ وإنْ كانَ مُسلمًا؛ لأنه مالٌ لهُم أشبَهَ ما لو سرَقَ دَراهِمَهم.
(١) «أحكام القرآن» (٤/ ٧٧، ٧٨)، و «المبسوط» (٩/ ١٨٩)، و «المدونة الكبرى» (١٦/ ٢٧٨)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٩٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٤٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٦٣٨)، و «الأم» (٦/ ١٤٧)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥٤٧)، و «المغني» (٩/ ١١٤، ١١٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ١٣١).