للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي يُشرعُ له فيها قَصرُ الصَّلاةِ، وجَبَت عليه صَلاةُ الجمُعةِ، وإلا فلا، ودَليلُ ذلك قولُه : «مَنْ كانَ يُؤمنُ باللَّهِ واليَومِ الآخرِ فَعليه الجمُعةُ يومَ الجمُعةِ، إِلَّا مَريضٌ أو مُسافِرٌ أو امرَأةٌ أو صَبيُّ أو مَملوكٌ، فمَن استَغنَى بلَهوٍ أو تِجارةٍ استَغنَى اللَّهُ عنه، واللَّهُ غَنيُّ حَميدٌ» (١).

قالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : أَجمعَ أئمَّةُ الفَتوى أنَّ المُسافِرينَ لا جمُعةَ عليهم (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : ولأنَّ النَّبيَّ كانَ يُسافِرُ، فلا يُصلِّي الجمُعةَ في سَفرِه، وكان في حَجةِ الوَداعِ بعَرفةَ يومَ جمُعةٍ، فصلَّى الظُّهرَ والعَصرَ وجمَعَ بينَهما، ولم يُصلِّ جمُعةً، والخُلفاءُ الرَّاشِدونَ كانوا يُسافِرونَ في الحَجِّ وغيرِه فلمْ يُصلِّ أَحدٌ منهم الجمُعةَ في سَفرِه، وكذلك غيرُهم مِنْ أَصحابِ رِسولِ اللهِ ومَن بعدَهم، وقد قالَ إِبراهيمُ: «كانوا يُقيمُونَ بالرَّيِّ السَّنةَ وأكثرَ مِنْ ذلك، وبسِجِستانَ السِّنينَ، لا يُجمِّعونَ ولا يُشرِّقونَ»، وعن حَسنٍ عن عبد الرَّحمنِ بنِ سمُرةَ قالَ: «أَقمتُ معه سِنينَ بكابُلَ نَقصُرُ الصَّلاةَ ولا نُجمِّعُ»، رواها سَعيدٌ، وأقامَ أنسٌ بنَيسابورَ سَنةً أو سَنَتَينِ فكانَ لا يُجمِّعُ، ذكرَه ابنُ المنذِرِ، وهذا إِجماعٌ مع السُّنةِ الثَّابتَةِ فيه، فلا يَسوغُ مُخالَفتُه (٣).


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: سبَقَ تَخريجُه.
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٢/ ٤٧٨).
(٣) «المغني» (٣/ ٦٣، ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>