فقدْ أخَذَ فوقَ حقِّه مِنْ مَجموعِ المالِ ثلاثةَ دَراهمَ وهو نِصابٌ، وهذا هو المَنصوصُ لمالكٍ، وهو ظاهرُ «المُدوَّنة»، وقالَ أشهَبُ وابنُ الماجشونَ وأصبَغُ: إذا سَرقَ مِنْ جُملةِ المالِ ستَّةَ دَراهمَ قُطعَ.
وأمَّا إنْ كانَ مُقوَّمًا فالمُعتبَرُ أنْ يكونَ فيما سرَقَ نِصابٌ فوقَ حقِّه ممَّا سرقَ لا مِنْ جَميعِ المالِ، فإذا كانَتِ الشَّركةُ في عُروضٍ ككُتبٍ جُملتُها تُساوِي اثنَي عَشرَ فسَرقَ منها كِتابًا مُعَينًا يُساوِي سِتةً فيُقطعُ؛ لأنَّ حقَّه في نصفِه فقطْ، فقدْ سَرقَ فوقَ حقِّه مِنه نِصابًا.
والفَرقُ بينَ المِثليِّ والمُقوَّمِ حيثُ اعتَبَروا في المِثليِّ كَونَ النِّصابِ المَسروقِ فوقَ حقِّه في جَميعِ المالِ المُشتركِ ما سُرقَ وما لم يُسرقْ، واعتَبَروا في المُقوَّمِ كونَ النِّصابِ المَسروقِ فوقَ حقِّه فيما سُرقَ فقطْ أنَّ المُقوَّمَ لمَّا كانَ ليسَ له أخذُ حظِّه منه إلا برضَا صاحبِه لاختلافِ الأغراضِ في المُقوَّمِ كانَ ما سَرقَه بعضُه حظُّه وبَعضُه حظُّ صاحبِه وما بقيَ كذلكَ، وأما المِثليُّ فلما كانَ له أخذُ حظِّه منهُ وإنْ أبَى صاحبُه لعَدمِ اختلافِ الأغراضِ فيه غالبًا يَتعينُ أنْ يكونَ ما أخَذَه منه مُشتركًا بينَهُما وما بقيَ كذلكَ.
وعَلى هذا لو لم يُحجَبْ عنه أو حُجبَ عنه وسَرقَ دونَ حقِّه أو فوقَه لكنْ دُونَ رُبعِ دِينارٍ أو ثلاثةِ دَراهمَ فإنه لا قطْعَ عليهِ (١).
(١) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٥٠)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٩٦، ٩٧)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٤٠، ٣٤١)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٦٩، ٣٧٠).