كالأجانبِ؛ لأنها قَرابةٌ لا يَتعلقُ بها رَدُّ الشهادةِ، فلمْ يَتعلقْ بها سُقوطُ القَطعِ كغيرِ المَحارمِ مِنْ الأقاربِ (١).
وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا يُقطَعُ إذا سَرقَ مِنْ ذي رَحمٍ محرمٍ كالأخِ والعمِّ، وهو الذي لو كانَ أحَدُهما رَجلًا والآخرُ امرأةً لم يَجُزْ له أنْ يَتزوجَها مِنْ أجْلِ الرَّحمِ الذي بينَهُما؛ لقولِ اللهِ ﷿: ﴿وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ﴾ [النور: ٦١]، فاللهُ تعالَى رفَعَ الجُناحَ على الداخلِ في بيتِ الأخوَةِ والأعمامِ والأكلِ منه، فظاهِرُ هذا يَقتضي الإباحةَ، والظاهرُ وإنْ تُرِكَ لِقيامِ الدليلِ يبقَى شُبهةً، ألَا ترَى أنه عطَفَ بيوتَ الأخوةِ والأعمامِ على بُيوتِ الآباءِ والأولادِ، وحُكمُ المَعطوفِ حُكمُ المَعطوفِ عليهِ.
وأما ذو الرَّحمِ غيرُ المَحرمِ فيُقطَعُ به.
ولو سرَقَ مِنْ ذي رَحمٍ محرمٍ لا رَحِمَ له بسَببِ الرَّضاعِ فقدْ قالَ أبو حَنيفةَ ومُحمدٌ -رحمهما الله-: يُقطَعُ الذي سرَقَ ممَّن يَحرمُ عليه مِنْ الرَّضاعِ كائنًا مَنْ كانَ؛ لأنَّ الثابتَ بالرَّضاعِ ليسَ إلا الحُرمةَ المُؤبَّدةَ، وإنها لا تَمنعُ وُجوبَ القَطعِ كما لو سَرقَ مِنْ أمِّ مَوطوءتِه، ولهذا يُقطَعُ في الأختِ مِنْ الرَّضاعِ.
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٤٨٥، ٤٨٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٢٧٨)، و «الأم» (٦/ ١٥١)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٣٤٩)، و «المغني» (٩/ ١١٧)، و «الكافي» (٤/ ١٧٩).