للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُقامُ عليهِ -أي المَجنونِ- في حالِ عَقلِه كُلُّ حدٍّ كانَ منه في حالِ جُنونِه بلا خِلافٍ مِنْ الأمَّةِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البرِّ في شَرحِه لحَديثِ ماعزٍ بنِ مالكٍ: وفيهِ أيضًا دليلٌ على أنَّ المَجنونَ لا يَلزمُه حدٌّ، ولهذا ما سألَ رسولُ اللهِ : أيَشتكِي؟ أبَهِ جِنَّةٌ؟ وهذا إجماعٌ أنَّ المَجنونَ المَعتوهَ لا حَدَّ عليهِ والقَلمَ عنه مَرفوعٌ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : إقرارُ المَجنونِ باطلٌ، وأنَّ الحُدودَ لا تَجبُ عليهِ، وهذا كله مُجمَعٌ عليهِ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : أما البُلوغُ والعَقلُ فلا خِلافَ في اعتِبارِهما في وُجوبِ الحدِّ وصحَّةِ الإقرارِ؛ لأنَّ الصبيَّ والمَجنونَ قد رُفعَ القلمُ عنهُما ولا حُكمَ لكَلامِهما، وقد رُويَ عن عليٍّ عن النبيِّ أنه قالَ: «رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ: عن النائمِ حتَّى يَستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يَحتلِمَ، وعن المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ» (٤) رواهُ أبو داودَ والتِّرمذيُّ وقالَ: حَديثٌ حسَنٌ، وفي حَديثِ ابنِ عبَّاسٍ في قِصةِ ماعزٍ «أنَّ النبيَّ سألَ قَومَه: أمَجنونٌ هو؟ قالُوا: ليسَ به بأسٌ» (٥).


(١) «المحلى» (١١/ ٣٩).
(٢) «التمهيد» (٢٣/ ١٢٠)، و «شرح الزرقاني» (٤/ ١٦٩).
(٣) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٩٣).
(٤) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.
(٥) «المغني» (٩/ ٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>